أصدرت المحكمة المركزية في بئر السبع حكمًا يعدّ سابقة قضائية بارزة في قضايا الاتجار بالبشر، وذلك بعد إدانة مواطن من منطقة النقب بتهمة الاتجار بالبشر على خلفية ترتيبات زواج غير قانونية مع فتاة قاصر لم تتجاوز الرابعة عشرة من عمرها.
وقد قضت المحكمة بسجنه فعليًا لمدة 27 شهرًا، إضافة إلى إلزامه بدفع تعويضات مالية بلغت 50 ألف شيكل للضحية، إلى جانب عقوبة السجن مع وقف التنفيذ.
تفاصيل القضية
وتعود تفاصيل القضية إلى لائحة اتهام معدّلة قدمها المحامي عران تسروريا من نيابة لواء الجنوب، تضمنت اعتراف المتهم، قواعين، بإبرام "صفقة" مع والدة القاصر تقضي بزواجه من الفتاة مقابل تقديم دعم اقتصادي للعائلة.
وبموجب الاتفاق، كان من المفترض أن تقيم القاصر في مجمع سكني يملكه المتهم، مع اشتراط عدم إقامة أي علاقة جنسية بينهما قبل أن تبلغ سن السادسة عشرة.
وأظهرت التحقيقات أن الفتاة أقامت بالفعل في منزل المتهم لمدة شهر تقريبًا، أمضت نصفه برفقة والدتها، قبل أن تطلب العودة إلى بيت أسرتها، وهو ما استجاب له المتهم في نهاية المطاف. غير أن هذه الوقائع، رغم غياب استغلال جنسي مباشر، اعتبرتها النيابة والقضاء شكلًا واضحًا من أشكال الاتجار بالبشر واستغلال القاصرين تحت غطاء الزواج.
ولمتابعة كل ما يخص "عرب 48" يُمكنك متابعة قناتنا الإخبارية على تلجرام
شراء قاصر بهدف الزواج هي فعل مرفوض تماما
وفي قراره، شدّد رئيس المحكمة المركزية، القاضي بني ساغي، على خطورة الأفعال المنسوبة للمتهم، مؤكدًا أن "عملية ’شراء‘ قاصر بهدف الزواج هي فعل مرفوض تمامًا ولا يمكن التساهل معه بأي شكل"، وأن هذه الممارسات بحد ذاتها تبرر فرض عقوبة مشددة.
كما دعا إلى ضرورة التعامل بحزم أكبر مع هذه الظاهرة التي قد تتكرّر في ظل ظروف اجتماعية واقتصادية معقدة في بعض المناطق.
وأشار القضاة في حيثيات الحكم إلى أن مجال الاتجار بالبشر بهدف الزواج لا يزال يشهد ضعفًا في إجراءات الإنفاذ مقارنة بأصناف أخرى من الجرائم، مما يستدعي اعتماد نهج عقابي تدريجي وواضح يوجّه الجمهور ويدفعه إلى إدراك خطورة هذه السلوكيات غير القانونية، خصوصًا حين تتعلق بأطفال.
وفي تعليقها على الحكم، اعتبرت المحامية دينا دومينيتس، المنسّقة الحكومية لمكافحة الاتجار بالبشر في وزارة القضاء، أن القرار يشكّل "حكمًا تاريخيًا" يعكس أهمية العمل المتكامل بين سلطات إنفاذ القانون، مشددة على ضرورة معاقبة كل من يتعامل مع البشر، ولا سيما الأطفال، كما لو كانوا "مجرد غرض أو ملكية".ز
تعزيز الوعي المجتمعي
وأضافت أنّ الحكومة تعمل بالتوازي مع الإجراءات القانونية على تعزيز الوعي المجتمعي، وتطوير أنظمة الحماية، وتوفير الاستجابات اللازمة لضحايا الاتجار.
وأكدت دومينيتس أن العالم يشهد خلال السنوات الأخيرة زيادة مقلقة في أعداد الأطفال الذين يقعون ضحايا للاتجار بالبشر بأنماطه المختلفة، مشيرة إلى أن الجهود مستمرة دون توقف للحدّ من تفاقم هذه الظاهرة، عبر التشديد في الملاحقة القانونية، وتوسيع برامج الوقاية، والعمل على رفع معايير حماية القاصرين.
ويأتي هذا الحكم ليبعث برسالة واضحة حول جدّية السلطات في مواجهة أي شكل من أشكال الاتجار بالبشر، وللتأكيد على أن استغلال القاصرين تحت أي ذريعة سيُواجَه بردع قضائي ملائم، بما يضمن تعزيز الحماية القانونية للأطفال وصون حقوقهم الأساسية.
اقرأ أيضا
اقتحام مدرسة جديدة في المشهد.. والمجلس يتعهد بعدم تأجيل الافتتاح