واصل الجيش الإسرائيلي، اليوم الاثنين، هجماته المدفعية والجوية على مناطق متفرقة من قطاع غزة، في خرق واضح لاتفاق وقف إطلاق النار الموقّع في العاشر من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، ما أعاد مشاهد القصف والدمار إلى الواجهة، وسط تحذيرات متزايدة من تفاقم الأوضاع الإنسانية في القطاع المحاصر.
وشن الطيران الحربي الإسرائيلي سلسلة غارات استهدفت مدينة رفح والمناطق الشرقية من مدينة خان يونس جنوب القطاع، بالتوازي مع قصف مدفعي وعمليات نسف للمنازل في عدة مناطق، فيما توغلت قوات إسرائيلية باتجاه مخيم جباليا شمال القطاع، في تصعيد ميداني متواصل منذ أيام.
أوضاع إنسانية بالغة القسوة
وتأتي هذه التطورات في وقت يعيش فيه سكان غزة أوضاعاً إنسانية بالغة القسوة، في ظل نقص حاد في الغذاء والمياه الصالحة للشرب والوقود، إضافة إلى مخاوف متزايدة من انهيار المباني المتضررة على قاطنيها، لا سيما مع تساقط الأمطار وتدهور البنية التحتية.
وأكدت وزارة الصحة الفلسطينية أن الأرصدة الدوائية في مستشفيات القطاع تشهد تدهوراً خطيراً، حيث بلغت نسب العجز 52% في الأدوية الأساسية، و71% في المستهلكات الطبية، ما يهدد بتوقف خدمات صحية حيوية، خصوصاً في أقسام الطوارئ والعناية المكثفة.
الصحة العالمية تحذر من خطر سوء التغذية الحاد بحلول إبريل 2026
وفي السياق ذاته، حذر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، من أن أكثر من 100 ألف طفل، إلى جانب 37 ألف امرأة حامل ومرضعة، قد يواجهون خطر سوء تغذية حاد بحلول نيسان/إبريل 2026، مشيراً إلى أن الجهود الدولية لمنع المجاعة في غزة لا تزال “هشة للغاية” وغير كافية.
سياسياً، دعت حركة حماس الوسطاء الدوليين إلى التحرك العاجل لوقف ما وصفته بالخروقات الإسرائيلية المستمرة لاتفاق وقف إطلاق النار، والضغط على تل أبيب للشروع في عملية إعمار حقيقية تضمن إنقاذ حياة الفلسطينيين وتثبيت التهدئة.
ويُنتظر أن تتصدر المرحلة الثانية من اتفاق غزة مباحثات الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو خلال لقائهما المرتقب في البيت الأبيض الأسبوع المقبل.
ولمتابعة كل ما يخص "عرب 48" يُمكنك متابعة قناتنا الإخبارية على تلجرام
هدم منهجي لمئات المباني عقب اتفاق وقف إطلاق النار
ميدانياً، كشفت صور حديثة التقطها قمر اصطناعي تابع لشركة Planet Labs، وقارنتها صحيفة هآرتس بصور التُقطت بعد أيام من دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، عن هدم منهجي لمئات المباني في شرق مدينة غزة وحي الشجاعية، رغم توقف العمليات العسكرية الواسعة نظرياً.
وأظهرت الصور أن مباني تضررت جزئياً خلال الحرب جرى تسويتها بالكامل بالأرض بواسطة آليات هندسية إسرائيلية، في مناطق تمتد على مئات الدونمات شرق الخط الأصفر، وهو خط الانسحاب الذي أعقب وقف إطلاق النار.
كما بينت الصور إقامة خمسة تجمعات خيام جديدة لإيواء النازحين، تضم كل منها عشرات إلى مئات الخيام، في مناطق متفرقة من القطاع.
وأقيم اثنان من هذه التجمعات قرب محور نيتساريم جنوب مدينة غزة، فيما توزعت ثلاثة أخرى شمال المدينة وعلى مقربة من شاطئ البحر، في مشهد يعكس واقع التهجير القسري المستمر.
ويُقدر أن نحو مليون فلسطيني كانوا يقيمون قبل الحرب في المناطق التي يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي حالياً، خصوصاً في شرق غزة وخان يونس ورفح، ولا يُتوقع عودتهم إلى منازلهم في المستقبل القريب.
إسرائيل أقامت 13 موقع على طول الخط الأصفر
وفي تحليل منفصل، أفادت منظمة Forensic Architecture البريطانية بأن إسرائيل أقامت، بعد وقف إطلاق النار، 13 موقعاً عسكرياً جديداً على طول الخط الأصفر، معظمها في شمال القطاع وشرق خان يونس، ليصل إجمالي المواقع العسكرية إلى 48 موقعاً داخل غزة، إضافة إلى شق طرق عسكرية جديدة وتوسيع عمليات الهدم، لا سيما في خان يونس ورفح.
وكان مركز الأقمار الاصطناعية التابع للأمم المتحدة قد أعلن، في تشرين الأول/أكتوبر، أن 81% من مباني وبنية قطاع غزة تعرضت للتدمير الكلي أو الجزئي خلال الحرب، موضحاً أن 123,464 مبنى دُمر بالكامل، وأكثر من 12 ألف مبنى تضرر بشكل بالغ.
الأمطار تسببت في انهيار مباني وسقوط ضحايا
وأكد التحليل أن الأمطار الأخيرة تسببت بانهيار مبانٍ متضررة، ما أدى إلى سقوط ضحايا.
وتشير تقديرات خبراء إلى أن سياسة الهدم المنهجي، التي توسعت بعد السيطرة على رفح في أيار/مايو 2024 عبر شركات مقاولات مدنية، أسفرت عن تدمير شبه كامل لمدن ومناطق بأكملها، وتراكم نحو 61 مليون طن من الركام، في واحدة من أوسع عمليات التدمير العمراني في التاريخ الحديث.
اقرأ أيضا
تشريد 13 عائلة..جرافات الجيش تطيح بعمارة سكنية في سلوان قبل جلسة المحكمة