في عالم الطب الحديث، يتجاوز البحث العلمي حدود الفهم التقليدي للتحديات الطبية اليومية.
ومن بين هذه التحديات، يأتي المخاط كحاجز طبيعي معقد يمكن أن يقيد فعالية العلاجات الدوائية.
ورغم دوره الحاسم في حماية الأعضاء من العوامل الممرضة والمهيجات، يظل المخاط عقبة كبيرة في سبيل توصيل الأدوية إلى أماكنها المستهدفة.
لكن، كما هو الحال في العديد من الابتكارات الطبية، قد تحمل التكنولوجيا الحديثة حلاً غير متوقع.
دور المخاط في الحماية والقيود على توصيل الأدوية
يُغطّي المخاط الرئتين والمعدة والأمعاء والعينين، ويعمل على حمايتها من العوامل الممرضة والمهيجات بفضل خصائصه اللزجة التي تسهم في حجز هذه العوامل.
إلا أن هذه الحماية قد تعوق في بعض الأحيان وصول الأدوية إلى المناطق المستهدفة.
ورغم أن المخاط قد لا يكون أول مكان يخطر ببالك لإيجاد روبوتات صغيرة، فإن هذه الروبوتات قد تكون الحل لمشكلة توصيل الأدوية بشكل فعّال.
حيث يمكن تحسين وصول الأدوية عبر ربطها بجسيمات نانوية صغيرة تساعد على اختراق الحاجز المخاطي بسهولة، أو باستخدام مركبات أخرى تعمل على تسييل المخاط.
وفي هذا السياق، قام الدكتور الباحث في الكيمياء بمعهد الهندسة الحيوية في كتالونيا ومعهد برشلونة للعلوم والتكنولوجيا، بالتعاون مع زملائه في الجمعية الكيميائية الأميركية، بتطوير روبوتات نانوية مدعومة بمركب بيروكسيد الهيدروجين الذي يساهم في تكسير المخاط.
وقد أظهرت دراسة نُشرت في مجلة "إيه سي إس نانو" في 17 يوليو الحالي، أن هذه "الروبوتات المخاطية" المدعومة بالإنزيمات قادرة على التحرك عبر الطبقة المخاطية، مما قد يُحسن من فعالية توصيل الأدوية.
الروبوتات النانوية: تصميمها واستخدام بيروكسيد الهيدروجين
لتصنيع هذه الروبوتات النانوية، قام الباحثون بدمج إنزيمات الكاتاليز بجسيمات سيليكا مسامية.
ويعمل إنزيم الكاتاليز كمضاد للأكسدة، حيث يقوم بتحليل بيروكسيد الهيدروجين إلى ماء وأكسجين.
ويمكن ملء المسام في هذه الجسيمات بجزيئات الدواء، مما يسهم في تسللها عبر الحاجز المخاطي.
وأظهرت الاختبارات الأولية أن إنزيمات الكاتاليز تساهم في دفع الروبوتات عبر استخدام بيروكسيد الهيدروجين كوقود وتحويله إلى أكسجين وماء.
اختبارات السلامة والتأثير على الخلايا والأنسجة
بعد ذلك، قام الفريق ببناء نموذج من طبقة مخاط الأمعاء باستخدام خلايا أمعاء بشرية مزروعة في المختبر، حيث نجحت الروبوتات في عبور طبقة المخاط في النموذج خلال 15 دقيقة دون التسبب في أضرار كبيرة للخلايا الموجودة تحتها.
نظراً لأن المخاط يُجدد عادةً كل 10 دقائق إلى 4.5 ساعات، فإن هذا الإطار الزمني السريع يمكن أن يقي الروبوتات من الاحتجاز أو الإزالة بواسطة طبقة المخاط.
إمكانات تطبيق الروبوتات المخاطية في أنظمة توصيل الأدوية
كما دعمت الاختبارات الإضافية على قولون الفئران هذه النتائج، وأظهرت أن الروبوتات النانوية لم تُسبب أي تلف للخلايا أو الأنسجة أثناء عبورها الطبقة المخاطية.
ويعتقد الباحثون، وفقاً لموقع "يوريك أليرت"، أن هذه الروبوتات المخاطية تعد خياراً واعداً لأنظمة توصيل الأدوية، خاصة في الأماكن التي يعيقها حاجز المخاط.
طالع أيضًا