الاكتئاب الموسمي يعد من أكثر الحالات الشائعة التي تصيب أغلب الناس بين فصلي الخريف والشتاء، حيث يمرون بتغيرات ملحوظة في المزاج نتيجة انخفاض درجات الحرارة وقصر ساعات النهار.
ويسبب الاكتئاب الموسمي حالة من الشعور بالحزن والتوتر والكسل وقلة النشاط، وبينما تشير الأبحاث إلى دور الموسيقى في تخفيف تلك الأعراض وتحسين الحالة النفسية المرتبطة بالاكتئاب الموسمي، كان من الممتع أن نناقش هذا الموضوع، ضمن برنامج "بيت العيلة"، مع الدكتور نورس كرزم، المختص بعلم الأعصاب والموسيقى.
ما هو الاكتئاب الموسمي؟
في البداية عرّف الدكتور نورس كرزم، الاكتئاب الموسمي بأنه مُصنّف كأحد أنواع اضطرابات المزاج، وله علاجات مختلفة بينها الموسيقى، كوسيلة تدخُّل ليس لها أضرار جانبية، ويمكن لأي شخص استخدامها سواء بتدخل من مختص أو بشكل شخصي.
لماذا يحدث الاكتئاب الموسمي؟
أوضح د.كرزم أن هناك عدة أسباب أبرزها نقص أشعة الضوء وانخفاض معدل السيروتونين، ما يؤثر على المزاج، وانخفاض معدل الميلاتونين، واختلاف مواعيد النوم ونقص فيتامين د.
وأوضح أن الموسيقى تؤثر على التوازن العصبي الكيميائي بالدماغ وتزيد إفراز النواقل العصبية كالدوبامين، الذي يعزز الشعور الإيجابي، وأن الدراسات لاحظت أنه ليس فقط الاستماع للموسيقى ولكن أيضًا المشاركة كالعزف والغناء لها تأثير إيجابي على تحسين المزاج خاصة مع تغير الجو
ماذا نسمع عند المرور بالاكتئاب؟
يقول د.كرزم إن كل شخص يتأثر بالموسيقى بشكل مختلف، ولكن هناك دراسات تقترح موسيقى معينة لكل مجتمع ، ففي مجتمعنا العربي، إذا دخلت في الاكتئاب الموسمي، فمن الأفضل البدء بموسيقى حزينة، كي لا نصدم الشعور الحزين بشعور إيجابي، وإنما نغير المزاج بالتدريج.
ففي البداية على سبيل المثال ربما تسمع موسيقى مسلسل "العراب" لإياد الريماوي، ثم تتبعها بموسيقى أكثر فرحا، مثل فيروز وأغانيها الحيوية، خاصة في فترة الصباح.
وشدد الطبيب المختص بعلم الأعصاب والموسيقى، على أن نقوم باحتواء الحزن ولا نكذب على أنفسنا ونقول إننا بحال جيد، بل نعيش حالة الحزن، وبعد التأمل في أسبابه، التي قد لا تكون أسبابا قوية، ننتقل لحالة مرغوبة أكثر، وهو تكنيك نفسي متبع في العديد من الحالات النفسية.
كيف يفيد العزف على الآلات الموسيقية في تحسين النفسية؟
يؤكد د.كرزم أن العزف أو الغناء أو الدندنة والاستماع لأشخاص يعزفون، كلها أمور تقوم بتنظيم المشاعر، حيث تقوم الموسيقى بإلهاء ذهني عن الأفكار السلبية وتنقلنا لمنطقة ذهنية مختلفة، بالإضافة إلى التأثيرات العصبية والكيميائية.
هل يختلف سماع الموسيقى المسجلة عن حضور الحفلات؟
يرى ضيفنا أن هناك جانب مهم وهو التواصل الاجتماعي في الحفلات والفعاليات الموسيقية، مؤكدا أنه من الناحية النفسية أيضًا فإن الاستماع الحي أفضل من السماعات، لأنك تعيش التجربة التي ينقلها لك المؤدي أو المطرب، وأنه إذا كان هذا الشخص فنانا ماهرا، فإنه ينقل الإحساس للمستمعين، وهو أمر مثبت بالدراسات.
ما الوقت الأفضل للاستماع للموسيقى لتحسين المزاج؟
يشير د. كرزم إلى أن الدراسات على هذا الموضوع أغلبها بالمجتمع الغربي وليس لدينا عينات كبيرة بالمجتمع العربي، لكن أول من ذكر هذا الموضوع هو ابن سينا والذي أسماه أسماه "الطب الموسيقي" في كتابه "الشفاء".
حيث قال ابن سينا إن هناك أوقات معينة بالنهار للاستماع، فمثلا فور الاستيقاظ نسمع موسيقى حيوية بها عناصر إيقاعية لا تكون حادة جدًا ولكن بها تنشيط، مثل أغاني فيروز وأيضا من الموسيقى الأجنبية مثل موزارت.
أما في المساء فنسمع أشياء أكثر هدوءا، وهكذا نكون استخدمنا الموسيقى لتنظيم الدورة المزاجية.
طالع أيضًا: