كشف تقرير صادم لهيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني اليوم الأحد، نقلا عن شهادات جديدة عن الانتهاكات المروعة التي يتعرض لها معتقلو غزة في السجون الإسرائيلية.
وجاء التقرير بعد زيارات ميدانية أجريت لـ23 معتقلاً في سجن النقب ومعسكر نفتالي خلال الأسبوع الأول من يناير/كانون الثاني الحالي، مسلطًا الضوء على تفاصيل صادمة حول التعذيب الممنهج والظروف القاسية التي يعانيها الأسرى الفلسطينيون.
جرائم تعذيب مروعة وضرب وتجويع وإذلال
ووفقا للتقرير، فإن الأسرى الذين مر على اعتقال معظمهم أكثر من عام منذ حرب الإبادة على غزة، يعانون جرائم تعذيب مروعة تشمل الضرب المبرح، التجويع، الإذلال، والحرمان من الرعاية الطبية. بالإضافة إلى ذلك، أشار التقرير إلى استمرار انتشار الأمراض المعدية، مثل الجرب، بين صفوف المعتقلين في ظل غياب أدنى مقومات النظافة والرعاية الصحية.
تشير الإفادات التي جمعها التقرير إلى أن معسكر "سديه تيمان" الذي كان رمزًا للتعذيب خلال الحرب على غزة لم يعد وحده الموقع الذي شهد هذه الجرائم، إذ أظهرت الشهادات أن التعذيب الممنهج شمل معظم السجون والمعسكرات الإسرائيلية، ومنها النقب، عوفر، ونفتالي.
ولمتابعة كل ما يخص "عرب 48" يُمكنك متابعة قناتنا الإخبارية على تلجرام
توحش غير مسبوق بالسجون الإسرائيلية
وتحدثت الهيئة والنادي عن شهادات لأسرى تعرضوا لانتهاكات جسيمة، بما في ذلك الاعتداء الجنسي، مما يؤكد مستوى التوحش الذي مارسته منظومة السجون بحق المعتقلين.
من بين الشهادات المؤلمة، يقول المعتقل (ك. ن)، البالغ من العمر 45 عامًا والمعتقل منذ ديسمبر/كانون الأول 2023: "تعرضت للضرب المبرح عند اعتقالي حتى أصبت بكسور في جسدي، بقيت محتجزًا في معسكر بغلاف غزة لمدة 58 يومًا، حيث كنت مكبلًا ومذلولًا طوال الوقت، وعندما نُقلت إلى سجن النقب، تم حرق جسدي بالماء الساخن، وآثار الحروق لا تزال واضحة، اليوم أعيش في خيام ممزقة، نعاني من البرد القارس والجوع الشديد".
تعذيب جسدي ونفسي
أما المعتقل (ع. ه)، 21 عامًا، فقد روى كيف تعرض للتعذيب الجسدي والنفسي منذ اعتقاله في فبراير/شباط 2024: "نُقلت بين عدة معسكرات وسجون، وفي كل رحلة كان التعذيب مستمرًا، اليوم أعاني من مرض الجرب الذي يغطي جسدي، وأواجه الجوع يوميًا، بالإضافة إلى ذلك، أنا بحاجة إلى رعاية طبية بسبب مشكلة خطيرة في عيني اليسرى".
فيما وصف المعتقل (م. ح)، 21 عامًا، الأيام الأولى لاعتقاله بأنها فظيعة وغير إنسانية، قائلا: "تعرضت للضرب المبرح طوال يوم كامل، وقام الجنود برشق المياه العادمة علينا والتبول علينا، لاحقًا، نقلونا إلى معسكر حيث بقينا مكبلين ومعصوبي الأعين لمدة 27 يومًا، اليوم، نعيش ظروفًا غير آدمية في سجن النقب، حيث البرد القارس والجوع يسيطران".
ضرب عنيف وإهمال طبي متعمد
شهادة أخرى للمعتقل (م. أ)، 25 عامًا، الذي اختطفه جنود الجيش الإسرائيلي من إحدى المدارس يقول: "تم ضربي وتجريدي من ملابسي والتحقيق معي ميدانيًا قبل نقلي إلى عدة سجون، الأوضاع هنا لا تُحتمل، إذ يعاني الأسرى من الإغماء بسبب الجوع والبرد، الجميع يعيش حالة من التعب والهزال".
وفي رواية صادمة أخرى، يقول المعتقل (م. د) إنه فقد عينه الاصطناعية جراء الضرب العنيف، ويعاني الآن من تجويف في عينه بسبب الإهمال الطبي المتعمد.
وفي معسكر نفتالي، عكست إفادات الأسرى حجم المعاناة المرتبطة بالتعذيب الممنهج والإهمال الطبي.
ويقول أحد المعتقلين إنه مصاب بمرض السرطان وكان قد أجرى عدة عمليات جراحية قبل اعتقاله، إلا أن حالته الصحية تدهورت بسبب غياب الرعاية الصحية.
كما تحدث الأسرى عن نقص حاد في الأدوية، وعدم وجود أي اهتمام بحالاتهم الصحية الحرجة.
ظروف اعتقاليه صعبة
وأكد التقرير أن الأسرى الفلسطينيين يعانون ظروفًا اعتقال قاسية تشمل الحرمان من الغذاء الكافي، حيث يعتمدون على كميات قليلة من الطعام غير الصالح للاستهلاك الآدمي.
كما يعاني المعتقلون من غياب السكر والملح من وجباتهم اليومية.
ويشير التقرير إلى أن هذه الجرائم لا تقتصر على التعذيب الجسدي فحسب، بل تشمل أبعادًا نفسية كارثية، وفقد العديد من المعتقلين أفراد عائلاتهم خلال الحرب، وبعضهم علم بوفاة أحبائهم أثناء وجودهم في الأسر، مما فاقم من معاناتهم النفسية.
دعوات للمجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية بالتدخل
ووضع التقرير مسؤولية واضحة على عاتق المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية التي تلتزم الصمت تجاه هذه الجرائم، ورغم كثافة التقارير التي توثق انتهاكات السلطات الإسرائيلية، إلا أن الاستجابة الدولية تبقى خجولة، ما يمنح إسرائيل غطاءً للاستمرار في جرائمه.
وعكس هذا التقرير جزءًا بسيطًا من معاناة الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وكشفت الشهادات المروعة عن جرائم ممنهجة تنتهك القانون الدولي الإنساني، وتستدعي تدخلاً فوريًا لوضع حد لهذه الانتهاكات.
الأسرى يعيشون ظروفًا كارثية بين براثن التعذيب والجوع والبرد، ولا تزال معاناتهم مستمرة في ظل صمت عالمي يثير العديد من علامات الاستفهام حول مصداقية منظومة العدالة الدولية.
اقرأ أيضا
جهود أمريكية مكثفة لإتمام الصفقة و33 محتجز إسرائيليًا على طاولة المفاوضات