في مشهد استثنائي يحمل في طياته العديد من الرسائل الرمزية والسياسية، أظهرت فصائل المقاومة الفلسطينية صورًا لأحد الرهائن الإسرائيليين وهو يعيش لحظات من الحياة اليومية كالصيد والأكل على الشاطئ والتنقل داخل النفق، في رسالة واضحة تهدف إلى إظهار مدى الراحة والثقة التي تتمتع بها المقاومة فيما يتعلق بإدارة هذا الملف المعقد.
وفي هذا السياق، قال الدكتور نزار نزال المحلل السياسي الفلسطيني، إن هذه المشاهد تعكس صورة مختلفة تمامًا عما تحاول إسرائيل الترويج له، وتقدم دليلًا على أن أجهزة الأمن والاستخبارات الإسرائيلية تعاني من حالة من الترهل والعجز عن الوصول إلى الرهائن أو الحصول على المعلومات الدقيقة التي تمكّنها من تحديد مواقعهم أو استعادة السيطرة على الوضع كما كان في السابق.
رسائل مباشرة إلى الداخل الإسرائيلي
وأضاف نزال في تصريحات خاصة لموقع الشمس، أن فصائل المقاومة من خلال هذه الصور، وجهت رسالة مباشرة إلى الداخل الإسرائيلي مفادها أن إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين لن يكون عبر العمليات العسكرية أو باستخدام القوة والنار، بل سيكون عبر طاولة المفاوضات والتفاهم، ودفع الثمن المطلوب مقابل كل رهينة، لافتا إلى أن هذه المعادلة التي تفرضها المقاومة تأتي في سياق تأكيدها المستمر على أن أي محاولات إسرائيلية لحل هذا الملف بغير الحوار محكوم عليها بالفشل.
وأوضح نزال أن الصور التي نُشرت تحمل إشارات سياسية تتجاوز البعد الفلسطيني-الإسرائيلي، فقد ظهرت أعلام دول عربية مثل مصر والأردن والسعودية، في خطوة تُفسَّر بأنها محاولة لتسليط الضوء على الأبعاد الإقليمية للأزمة، خاصة في ظل التصريحات التي صدرت عن بعض الساسة الإسرائيليين مؤخرًا والتي زجت بالدول العربية في أتون هذه الأزمة.
تحديات تواجهها إسرائيل داخلياً وخارجياً
وأكد السياسي الفلسطيني أن هذا الظهور الرمزي يؤكد أن القضية لم تعد حكرًا على الجغرافيا الفلسطينية، بل امتدت لتشمل نطاقًا أوسع يشمل المنطقة بأسرها، وهو تطور غير مسبوق يعكس تعقيدات المشهد السياسي في الشرق الأوسط.
وتابع نزال: "تأتي هذه الرسائل أيضًا في ظل التحديات التي تواجهها إسرائيل داخليًا وخارجيًا، فالساعة الرملية التي ظهرت في بعض اللقطات ليست مجرد تفصيل عابر، بل هي رمز للوقت الذي ينفد، وتحذير صريح بأن مصير الرهائن الإسرائيليين بات مرتبطًا بسرعة استجابة القيادة الإسرائيلية لمطالب المقاومة.
ولفت نزال إلى أن التأخير في التعاطي مع الوسطاء، سواء المصريين أو القطريين، قد يعني الدخول في مرحلة جديدة من التعقيد وربما فقدان الأمل في استعادة الرهائن أحياء.
ولمتابعة كل ما يخص "عرب 48" يُمكنك متابعة قناتنا الإخبارية على تلجرام
الرسائل من تقديم الهدايا للرهائن
وأوضح نزال أن من بين الرسائل المهمة التي بعثت بها المقاومة أيضًا، مشهد تقديم الهدايا للرهائن، وهي خطوة تهدف إلى إبراز المعاملة الإنسانية التي يحظى بها هؤلاء، وفقًا لتعاليم الدين الإسلامي والقيم الأخلاقية التي تحكم سلوك المقاومة.
وأشار نزال إلى أن هذا السلوك يأتي في سياق الرد على الانتهاكات التي يتعرض لها الأسرى الفلسطينيون داخل السجون الإسرائيلية، حيث يتعرضون لممارسات قمعية تشمل الاقتحامات الليلية وترويع العائلات ومنع الاحتفال بإطلاق سراحهم.
وسبق، وقال مصدر في كتائب القسام في تصريحا صحفية، أن الكتائب قدّمت لساغي ديكل حن قطعة ذهبية هدية لابنته التي وُلدت بعد أربعة أشهر من أسره.
الصور جزء من معركة نفسية ضد إسرائيل
وأكد نزال أن هذه الصور ليست مجرد لقطات إعلامية، بل هي جزء من معركة نفسية تخوضها المقاومة ضد إسرائيل، وتهدف إلى التأثير على الرأي العام الإسرائيلي والدولي على حد سواء.
وأوضح نزال أن الرسالة التي أرادت المقاومة إيصالها إلى العالم واضحة وهي: "الفلسطينيون شعب يتوق إلى الحرية والحياة بكرامة وعدالة، وليسوا كما تحاول إسرائيل تصويرهم في وسائل الإعلام الغربية، فإسرائيل تسعى إلى ترسيخ صورة نمطية للفلسطينيين باعتبارهم إرهابيين، بينما تظهر هذه الصور واقعًا مختلفًا تمامًا لشعب يسعى للحرية ويؤمن بقيم الحياة والإنسانية".
واختتم نزال تصريحاته قائلا: "في المحصلة، تحمل هذه الخطوة الإعلامية العديد من الأبعاد والدلالات، فهي من جهة تثبت قدرة المقاومة على إدارة الملف الأمني بحرفية عالية، ومن جهة أخرى تعيد رسم ملامح الصراع بطرق جديدة تتجاوز حدود الجغرافيا التقليدية، لتشمل رسائل سياسية وإنسانية تمتد إلى المنطقة والعالم، إنها رسالة للداخل الإسرائيلي بأن استمرار التعنت والمماطلة لن يؤدي إلا إلى مزيد من التعقيد، ورسالة للعالم بأن القضية الفلسطينية ما زالت حية، وأن المقاومة، رغم التحديات، قادرة على فرض شروطها وإيصال رسائلها بطرق مبتكرة وغير تقليدية".
اقرأ أيضا
ساعة رملية والوقت ينفذ..مشاهد وتصريحات الرهائن عقب الإفراج عنهم اليوم