تهديد شطب الأحزاب العربية في إسرائيل: مخاطر التهميش واستراتيجية المواجهة

صورة توضيحية - مارك نیمن / مكتب الصحافة الحكومي الإسرائيلي

صورة توضيحية - مارك نیمن / مكتب الصحافة الحكومي الإسرائيلي

مع اقتراب كل دورة انتخابية في إسرائيل، يتجدد التهديد بشطب الأحزاب العربية أو منع بعض مرشحيها من الترشح، استنادًا إلى مزاعم تتعلق بـ"دعم الإرهاب" أو "نفي الطابع اليهودي للدولة". هذه التهديدات ليست مجرد تصريحات عابرة، بل هي جزء من أداة سياسية ممنهجة تُستخدم لإقصاء التمثيل العربي في الكنيست الإسرائيلي. ورغم أن هذه الظاهرة ليست جديدة، إلا أن التعامل معها من قبل الأحزاب العربية لا يزال يثير العديد من التساؤلات حول مدى جديتهم في مواجهة هذا التحدي الوجودي.

 

 

التهديد بشطب الأحزاب العربية: أداة سياسية بامتياز

لطالما كانت لجان الانتخابات الإسرائيلية، وهي لجان سياسية بامتياز، تستخدم التهديد بشطب الأحزاب العربية أو مرشحيها. يتم ذلك غالبًا عبر مواد في قانون الانتخابات الإسرائيلي تمنع ترشح الأحزاب أو الأفراد الذين "ينكرون يهودية الدولة" أو يُزعم أنهم "يدعمون الإرهاب".

لكن الواقع يشير إلى أن هذه الادعاءات تُستخدم بانتقائية شديدة، وليس بناءً على معايير قانونية ثابتة. الهدف الأساسي من هذه الإجراءات هو دغدغة مشاعر القواعد الانتخابية للأحزاب اليمينية، وإبراز موقف متطرف يتماشى مع المزاج العام في الشارع الإسرائيلي، الذي يتجه نحو اليمين أكثر فأكثر.

في الانتخابات الأخيرة، تصاعدت هذه التهديدات بشكل غير مسبوق، خاصة بعد أحداث 7 أكتوبر وما تبعها من تصعيد أمني وسياسي. الأجواء السياسية المشحونة جعلت فكرة شطب الأحزاب العربية أو إقصاء بعض مرشحيها أكثر قبولًا داخل المؤسسات السياسية الإسرائيلية، ما يزيد من خطورة الموقف على مستقبل التمثيل العربي في الكنيست.

 

لماذا لا تواجه الأحزاب العربية هذا التهديد بجدية كافية؟

رغم تكرار سيناريوهات التهديد بالشطب في كل انتخابات، فإن رد فعل الأحزاب العربية غالبًا ما يكون ضعيفًا أو متأخرًا، وكأنها تتعامل مع الأمر على أنه مجرد "فزاعة" إعلامية ستنتهي في اللحظات الأخيرة. السبب الأساسي وراء هذا النهج هو اعتماد الأحزاب العربية على المحكمة العليا الإسرائيلية، والتي كانت في معظم الحالات السابقة تلغي قرارات الشطب.


ولكن، بعد السابع من أكتوبر، هل لا تزال هذه الاستراتيجية صالحة؟

هل بقيت المحكمة العليا على حالها؟ هناك تحولات سياسية وقضائية كبيرة قد تؤثر على قرارات المحكمة، خاصة في ظل الهجمات التي تتعرض لها من الحكومة اليمينية.

هل ستظل المستشارة القضائية للدولة تدافع عن الديمقراطية الإسرائيلية؟ هناك مخاوف من أن تتراجع قدرة المؤسسة القضائية على حماية الحقوق الديمقراطية للأحزاب العربية.

هل يمكن لجهاز الأمن العام أو غيره من مؤسسات الدولة العميقة التدخل لمنع الشطب؟ الواقع يشير إلى أن هذه المؤسسات باتت أكثر انحيازًا للتيارات اليمينية المتطرفة، ما يجعل من غير المرجح أن تتدخل لصالح الأحزاب العربية.

هل تستطيع هذه المؤسسات مواجهة "جرف اليمين" المتطرف؟ الأرجح أن هذه المؤسسات ستسعى إلى حماية نفسها قبل الدفاع عن الحقوق الديمقراطية للأحزاب العربية.

هذه الأسئلة الجوهرية تستدعي إعادة تقييم استراتيجية الأحزاب العربية في التعامل مع هذا التهديد، بدلاً من المراهنة على أدوات قانونية قد لا تكون فعالة في المرحلة الحالية.

 

غياب استراتيجيات المواجهة: هل ستدفع الأحزاب العربية الثمن؟

في الأسابيع الأخيرة، تزايدت النقاشات حول إعادة تشكيل القائمة المشتركة أو دعم بعض الأحزاب العربية للائتلاف الحكومي، إضافة إلى تحليل نسب التأييد لهذا الحزب أو ذاك. لكن المثير للقلق أن قضية الشطب بتداعياتها لم تُطرح بشكل جدي كأحد السيناريوهات المحتملة.

هذا الغياب يعكس مشكلة جوهرية في تعامل الأحزاب العربية مع هذا التحدي. فبدلاً من التفكير في حلول استباقية، تكتفي هذه الأحزاب بالرهان على تدخل المحكمة العليا أو مؤسسات الدولة، متجاهلة أن الواقع السياسي في إسرائيل لم يعد كما كان في السنوات السابقة.


ماذا لو تم شطب حزب أو أكثر؟

هل هناك خطط بديلة لمواجهة هذا السيناريو؟

كيف ستتعامل الأحزاب العربية مع قواعدها الجماهيرية في حال تم استبعادها من الكنيست؟

هل هناك توجه لبناء جبهة قانونية وإعلامية قوية لفضح هذه الممارسات محليًا ودوليًا؟

الحاجة إلى استراتيجية جديدة: ما الحل؟

 

1. التحرك القانوني المبكر:

بدلاً من انتظار قرارات لجنة الانتخابات، يجب أن تبدأ الأحزاب العربية بتحركات قانونية استباقية، تشمل التوجه إلى المحاكم الإسرائيلية والدولية، وتسليط الضوء على هذه القضية في الإعلام العالمي.


2. تصعيد الضغط الإعلامي:

يجب استثمار وسائل الإعلام العربية والعالمية لفضح التوجهات الإقصائية التي تستهدف الأحزاب العربية، والتواصل مع منظمات حقوق الإنسان لكسب الدعم الدولي.


3. تفعيل الحراك الشعبي:


على الأحزاب العربية العمل على تعبئة الشارع العربي داخل إسرائيل، عبر تنظيم احتجاجات وفعاليات توعوية للضغط على صناع القرار الإسرائيليين.



4. البحث عن تحالفات سياسية داخل الكنيست:


يمكن بناء تحالفات مع قوى يسارية أو وسطية داخل إسرائيل لمواجهة التيار اليميني المتطرف الذي يسعى لإقصاء التمثيل العربي.



5. تعزيز الوجود في مؤسسات المجتمع المدني:


يجب على الأحزاب العربية تكثيف وجودها في المنظمات غير الحكومية والنقابات والمجالس المحلية، لضمان تأثيرها في صنع القرار حتى خارج إطار الكنيست.



 هل تنجح الأحزاب العربية في كسر دائرة التهميش؟


سياسة "اعمل حالك ميت" أو التعامل مع التهديدات بشطب الأحزاب العربية على أنها مجرد "فزاعة" قد تساعد في تجنب المواجهة المباشرة، لكنها لا تحمي الأحزاب العربية من خطر التهميش والإقصاء التدريجي. في ظل التغيرات السياسية المتسارعة في إسرائيل، فإن استمرار هذه الأحزاب في اتباع نفس النهج التقليدي قد يؤدي إلى خسارة وجودها في المشهد السياسي، مما سيترك المجتمع العربي بدون تمثيل حقيقي في الكنيست.


الحل يكمن في تبني استراتيجية جديدة أكثر جرأة وفاعلية، تدمج بين التحرك القانوني، الضغط الإعلامي، الحراك الشعبي، وبناء التحالفات السياسية. بدون ذلك، قد تجد الأحزاب العربية نفسها خارج اللعبة السياسية بقرار قضائي، وعندها لن يكون البكاء على الأطلال مفيدًا.


 

يتم الاستخدام المواد وفقًا للمادة 27 أ من قانون حقوق التأليف والنشر 2007، وإن كنت تعتقد أنه تم انتهاك حقك، بصفتك مالكًا لهذه الحقوق في المواد التي تظهر على الموقع، فيمكنك التواصل معنا عبر البريد الإلكتروني على العنوان التالي: info@ashams.com والطلب بالتوقف عن استخدام المواد، مع ذكر اسمك الكامل ورقم هاتفك وإرفاق تصوير للشاشة ورابط للصفحة ذات الصلة على موقع الشمس. وشكرًا!

phone Icon

احصل على تطبيق اذاعة الشمس وكن على
إطلاع دائم بالأخبار أولاً بأول

Download on the App Store Get it on Google Play