تواصل كل من مصر وقطر مساعيهما الدبلوماسية لإنقاذ اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، الذي تعرّض لهزة قوية عقب استئناف إسرائيل عملياتها العسكرية الأسبوع الماضي، مما أدى إلى سقوط مئات الضحايا الفلسطينيين.
ويأتي هذا التصعيد بعد اتفاق هش تم التوصل إليه بشق الأنفس، حيث تسابق الجهات الإقليمية الزمن لإعادة أطراف النزاع إلى طاولة المفاوضات، في محاولة أخيرة لإنقاذ جهود دبلوماسية استمرت لأشهر، وسط قلق دولي متزايد من استمرار سفك الدماء في قطاع غزة.
اتصالات مكثفة على إسرائيل وحماس
وفي هذا السياق، كثفت القاهرة والدوحة من ضغوطهما على كل من إسرائيل وحركة "حماس" للموافقة على هدنة طارئة، حيث طرح الوسطاء المصريون بالفعل مقترحًا جديدًا على الحركة.
وعلى الرغم من غياب تفاصيل دقيقة حول هذا المقترح، إلا أن المساعي الرامية إلى تحفيز الإدارة الأمريكية، التي لعبت دورًا محوريًا في التوصل إلى الاتفاق الأصلي، على التدخل لكسر الجمود لم تحقق نجاحًا ملموسًا حتى الآن، وفقًا لما أوردته صحيفة واشنطن بوست.
وفي المقابل، أبدت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب دعمها القوي لاستئناف إسرائيل للعمليات العسكرية، وهو موقف تماشى مع تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي أكد أن قراره باستئناف الحرب جاء جزئيًا لممارسة الضغط على "حماس" في المفاوضات.
ويُذكر أن اتفاق وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في 19 يناير الماضي، تضمن ثلاث مراحل، بدأت أولاها بإطلاق "حماس" دفعات من الرهائن الإسرائيليين مقابل الإفراج عن أسرى فلسطينيين، إلى جانب انسحاب القوات الإسرائيلية من محيط غزة، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
ولمتابعة كل ما يخص "عرب 48" يُمكنك متابعة قناتنا الإخبارية على تلجرام
المرحلة الثانية وإطلاق سراح الرهائن
وكان من المقرر أن تشهد المرحلة الثانية، التي كان يفترض أن تبدأ في فبراير، إطلاق سراح جميع الرهائن الإسرائيليين، وانسحابًا كاملاً للقوات الإسرائيلية، غير أن تعنت إسرائيل ورفضها الانخراط في أي مناقشات جدية حال دون المضي قدمًا في تنفيذ الاتفاق.
ومع انتهاء المرحلة الأولى في الأول من مارس، أعلن نتنياهو إعادة فرض الحصار الكامل على غزة، وقطع كافة المساعدات والإمدادات التجارية، بما في ذلك الغذاء والوقود، مما فاقم من معاناة سكان القطاع.
مبعوث ترامب أجري زيارة عاجلة للمنطقة الأسبوع الماضي
وفي محاولة لإنقاذ ما تبقى من الاتفاق، قام المبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، بزيارة عاجلة للمنطقة الأسبوع الماضي بهدف التوصل إلى حل أو على الأقل تمديد المرحلة الأولى من الهدنة.
وقدم "ويتكوف" مقترحًا مؤقتًا لتمديد وقف إطلاق النار، متضمنًا الإفراج عن خمسة رهائن إسرائيليين، من بينهم المواطن الأمريكي الإسرائيلي عيدان ألكسندر، الذي كان قد اختُطف أثناء خدمته في الجيش الإسرائيلي في 7 أكتوبر 2023، مقابل إطلاق سراح "عدد كبير من الفلسطينيين" من السجون الإسرائيلية، بحسب وزارة الخارجية الأمريكية.
إلا أن "حماس" رفضت تمديد المرحلة الأولى دون تنفيذ الاتفاق الأصلي بالكامل، واقترحت بدلاً من ذلك إطلاق سراح ألكسندر مقابل عودة إسرائيل إلى المفاوضات حول المرحلة الثانية، وهو ما أعلنت عنه الحركة علنًا في محاولة لزيادة الضغوط على نتنياهو.
ورأت واشنطن بوست أن المقترح لم يكن كافيًا لإقناع إدارة ترامب، خاصة أن "ويتكوف" أعرب عن انزعاجه من الإعلان العلني للحركة، فيما أكدت الخارجية الأمريكية أن الفرصة لا تزال قائمة، لكنها تتضاءل بسرعة.
وفي ظل هذا الجمود، أكد دبلوماسيون عرب أن القاهرة والدوحة ما زالتا تبذلان جهودًا حثيثة لإقناع إسرائيل بوقف الحرب، لكنهم شددوا على أن استمرار الصراع سيكون مرجحًا ما لم تُبدِ الولايات المتحدة استعدادًا جادًا للضغط على إسرائيل لوقف هجماتها، وهو الأمر الذي لا تزال الإدارة الأمريكية مترددة بشأنه.