في ظل الحرب الدائرة مع إيران، تفرض المؤسسة الأمنية الإسرائيلية رقابة عسكرية مشددة وغير مسبوقة على التغطية الإعلامية المرتبطة بسير العمليات وتفاصيلها.
اللافت أكثر هو انتشار مقاطع فيديو تشير إلى هَوَس قومي جامع بإظهار صورة القوة والتحصين المطلق، ليس فقط من قبل أجهزة الأمن وإنّما من قبل مواطنين عاديين يقومون بطرد الطواقم الصحافية الأجنبية قبل العربية.
هذه الرقابة تهدف، بحسب ما تزعم مصادر عسكرية، إلى حماية سرية العمليات، ومنع تسرب معلومات قد تضر بسلامة الجنود أو تكشف نقاط ضعف يمكن أن تستغلها إيران أو حلفاؤها في المنطقة.
لكن هذه الرقابة باتت تثير تساؤلات بين الإسرائيليين حول مدى تأثيرها على حق الجمهور في المعرفة، خاصة مع تزايد الاعتماد على وسائل الإعلام الأجنبية ومواقع التواصل للحصول على معلومات بديلة.
أضف إلى ذلك، فإنّ التقارير التي وردت عن عدة وسائل إعلام بما في ذلك وكالة "بلومبيرغ" كشفت أن إيران تمكنت من قرصنة كاميرات المراقبة الخاصة في إسرائيل بهدف جمع معلومات استخباراتية فورية عن مواقع الضربات.
في الأسبوع الماضي، حذّر رافائيل فرانكو، نائب المدير العام السابق لمديرية الأمن السيبراني الوطني في إسرائيل، والذي يدير حاليا شركة "كود بلو" المتخصصة في إدارة أزمات الأمن السيبراني، من قرصنة كاميرات المراقبة الخاصة، خاصة المنزلية، وأشار إلى أن الإيرانيين حاولوا خلال اليومين أو الثلاثة الماضية الاتصال بالكاميرات لفهم ما حدث وأين أصابت صواريخهم، من أجل تحسين دقتها.
إلّا أنّ العديد من المراقبين حذّروا من أن استمرار التعتيم الكامل، قد يضعف ثقة الجمهور في الرواية الرسمية، خصوصًا إذا بدأت تتسرب معلومات من خارج القنوات الرسمية تكشف تناقضات أو تخفي خسائر لم يُعلن عنها، فهل ينقلب السحر على الساحر؟
وفي بلد يشهد حروبًا متكررة، تعرف فيه الصحافة حدود الرقابة العسكرية، إلا أن الحرب مع إيران – بطابعها الإقليمي والدولي – دفعت المعايير الإعلامية إلى مرحلة جديدة من التقييد.
حتى الآن، يلتزم الإعلام الإسرائيلي الصمت النسبي، بانتظار ما تسمح به المؤسسة العسكرية من معلومات، أو ينشر اجزاء من الضرر للتغطية على الضرر الأكبر وسط تساؤلات مشروعة: أين ينتهي الأمن القومي، وأين يبدأ حق الجمهور في أن يعرف؟