في ظل توتر إقليمي متصاعد وضغوط دولية متزايدة، يعقد وفد إيراني رفيع المستوى، اليوم الجمعة، اجتماعًا في مدينة إسطنبول مع ممثلين عن فرنسا وبريطانيا وألمانيا، في محاولة جديدة لاستئناف المحادثات المتعثرة بشأن البرنامج النووي الإيراني، وسط تهديدات أوروبية بإعادة فرض العقوبات الأممية على طهران.
ويأتي هذا اللقاء في أعقاب تصعيد عسكري خطير شهدته المنطقة منتصف يونيو/حزيران، حين شنت إسرائيل هجومًا واسعًا استهدف مواقع نووية وعسكرية داخل إيران، وردّت الأخيرة بحرب استمرت 12 يومًا تدخلت فيها الولايات المتحدة بضرب ثلاثة مواقع نووية إيرانية.
البرنامج النووي الإيراني يعود للواجهة
هذا التصعيد أعاد البرنامج النووي الإيراني إلى واجهة القلق الدولي، وفتح الباب واسعًا أمام الحديث عن العقوبات والتصعيد الدبلوماسي.
وكان الاتحاد الأوروبي، الذي يضم الدول الثلاث المعنية بالاجتماع، قد تمسك منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في 2018 بمواصلة العمل بمقتضيات الاتفاق الموقع عام 2015، والذي ينص على فرض قيود صارمة على الأنشطة النووية الإيرانية مقابل رفع تدريجي للعقوبات الدولية، لكنّ باريس ولندن وبرلين باتت الآن تتهم طهران بالتنصل من التزاماتها.
فيما صرح مصدر أوروبي بارز بأن “التقاعس لم يعد خيارًا”، مشيرًا إلى أن الدول الأوروبية الثلاث تستعد لتفعيل آلية "سناب باك" التي تسمح بإعادة فرض العقوبات الأممية في حال استمرار إيران في رفض التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وتنتهي صلاحية هذه الآلية في أكتوبر المقبل، مما يضيق هامش المناورة أمام إيران.
اتهامات إيرانية للأوروبيين
من جانبه، رفض نائب وزير الخارجية الإيراني كاظم غريب آبادي اللجوء إلى "سناب باك"، واصفًا إياه بأنه "غير قانوني"، واتهم الأوروبيين بالتخلي عن التزاماتهم منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق.
رغم ذلك، أكد أن بلاده لا تزال تسعى إلى أرضية مشتركة للحوار.
ولمتابعة كل ما يخص "عرب 48" يُمكنك متابعة قناتنا الإخبارية على تلجرام
وفي خطوة أثارت استياء الدول الغربية، علّقت إيران رسميًا جميع أشكال التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بداية يوليو الجاري، محملة الوكالة مسؤولية الضربات التي تعرضت لها مواقعها النووية.
ورغم ذلك، من المقرر أن يزور وفد تقني من الوكالة إيران قريبًا في إطار ترتيب شكل جديد للتعاون، حسب إعلان رسمي إيراني.
موقف إسرائيل من تعليق إيران للتعاون
من جهتها، اعتبرت إسرائيل تعليق التعاون دليلاً على نية إيران تصعيد برنامجها النووي، ودعت إلى "إعادة فرض كل العقوبات فورًا"، بينما جدّد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، تأكيد بلاده على المضي في تخصيب اليورانيوم، واصفًا البرنامج النووي بأنه "فخر وطني".
وبحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن إيران تواصل تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60%، وهي نسبة تفوق كثيرًا ما يسمح به الاتفاق النووي (3.67%)، لكنها لا تزال دون عتبة تصنيع قنبلة نووية (90%).
وتصرّ طهران على أن برنامجها مخصص لأغراض سلمية فقط، رافضة اتهامات السعي لصنع سلاح نووي.
ومع اقتراب الخريف، تتجه الأنظار إلى ما ستسفر عنه محادثات إسطنبول، في وقت يبدو فيه أن الفجوة بين إيران والدول الغربية لا تزال عميقة، بينما تلوح في الأفق عقوبات قد تعيد الأزمة النووية إلى نقطة الصفر.
اقرأ أيضا
قرار متهور..الولايات المتحدة ترفض خطة ماكرون للاعتراف بدولة فلسطينية