قال البروفيسور زيد عباسي، المحاضر والباحث في كلية الطب بمعهد "التخنيون" ومستشفى رامبام في حيفا، إن الاكتشاف الذي فاز بجائزة نوبل للطب هذا العام يمثل "اختراقًا علميًا هائلًا" في فهم آلية عمل جهاز المناعة البشري، ويمهد الطريق لعلاجات جينية قد تُحدث ثورة في الطب الحديث.
وأوضح عباسي، في مداخلة هاتفية لبرنامج «أول خبر» على إذاعة الشمس، أن الاكتشاف يعود إلى أبحاث بدأت منذ تسعينيات القرن الماضي، قادها العالم الياباني ساكاكوتشي وعدد من العلماء، وتوصلت إلى وجود خلايا مناعية تُعرف بـ"الخلايا التائية الكابحة" (T-Reg cells)، وهي المسؤولة عن ضبط عمل الجهاز المناعي ومنعه من مهاجمة خلايا الجسم السليمة.
وأضاف أن العلماء اكتشفوا جينًا يُسمى FOXP3 ينظّم عمل هذه الخلايا، موضحًا أنه عندما يعمل هذا الجين بشكل سليم يمنع ظهور أمراض المناعة الذاتية مثل السكري من النوع الأول، والتهاب الغدة الدرقية، والذئبة الحمراء، والروماتيزم، بينما يؤدي خلله إلى تطور هذه الأمراض.
وأشار إلى أن التطبيقات الطبية المستقبلية لهذا الاكتشاف قد تُستخدم في علاج السرطان وأمراض المناعة الذاتية، من خلال تعديل الخلايا التائية جينيًا بحيث تستطيع التعرف على الخلايا السرطانية وقتلها دون الإضرار بالخلايا السليمة.
وأكد البروفيسور عباسي أن هذا الاتجاه يمثل مستقبل الطب الحديث، إذ "سيصبح العلاج معتمدًا على خلايا الجسم نفسه بدلاً من الأدوية الكيميائية التقليدية"، لافتًا إلى أن التعديل الجيني المستخدم في هذه الأبحاث "آمن ولا يمس القيم الأخلاقية أو الدينية"، لأنه لا يغير من طبيعة الإنسان بل يعزز قدرته على مقاومة المرض.
وفي ختام حديثه، أشار إلى أن التجارب السريرية ما زالت في مراحلها الأولى، لكن النتائج الأولية مبشرة للغاية، مضيفًا أن لجنة نوبل نفسها وصفت هذا الاكتشاف بأنه "مفتاح علاجات المستقبل" في مكافحة السرطان وأمراض المناعة.