قال هاني المصري، مدير عام المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية (مسارات)، إن قمة شرم الشيخ كانت حدثًا بارزًا يهدف إلى تثبيت وقف الحرب في غزة، وهو إنجاز كبير لا يمكن إنكاره، لكنه أكد أن القضايا السياسية الجوهرية ما تزال معقدة ومفتوحة على احتمالات متغيرة.
وأشار المصري، في مداخلة ضمن برنامج "أول خبر" إلى أن القمة لم تشر بشكل واضح إلى حل الدولتين أو ما يتعلق بالحدود، مشيرًا إلى أن الاتفاق كان يرتكز أساسًا على وقف الإبادة واستئناف إدخال المساعدات، دون التطرق إلى حقوق الشعب الفلسطيني وفق القانون الدولي أو قرارات الأمم المتحدة، أو مسألة محاسبة إسرائيل على جرائمها. هذا، بحسبه، يمثل مشكلة حقيقية في الطريق نحو إقامة دولة فلسطينية حقيقية.
وأضاف أن ما جرى في القمة يُعد خطوة مهمة لإنهاء القتال، إلا أن هناك تحذيرات من أن الجغرافيا السياسية قد تتحول إلى واقع أقرب إلى "معازل فلسطينية" منفصلة أمنيًا وإداريًا، مما يضعف أُسس قيام الدولة الفلسطينية.
وأوضح المصري أن استمرار التواجد الإسرائيلي بجزء كبير من قطاع غزة (حوالي 53%)، إلى جانب السيطرة الكاملة على المعابر والسماء والبحر، يُعكس واقعًا مظلمًا سياسيًا وقانونيًا يعيد دعم الخطط الأمريكية والإسرائيلية التي تستهدف إدارة الصراع بدلاً من حله بشكل جذري.
وأشار إلى أن إسرائيل، رغم وقف الإبادة، لا تزال تمارس سياسات عدوانية توسعية، وأن قادة إسرائيل مثل نتنياهو ما زالوا يتبنون برامج استيطانية وتوسعية، وإن بدا شكل التطرف الحاد قد انخفض بعض الشيء، لكنه مستمر بأشكال أخرى، ما يهدد فرص السلام الحقيقي.
وحول الدور الدولي، قال المصري إن تأثير التنافس بين الصين والولايات المتحدة يظل حاضرًا في خلفية المشهد السياسي الفلسطيني، ولفت إلى ضرورة أن يبادر الفلسطينيون أنفسهم لتجميع أوراق القوة والتحالفات بدلاً من انتظار تغيُّر أعدائهم.
وعن السلطة الفلسطينية، بين هاني المصري أن حضور الرئيس الفلسطيني لم يُعدّل كثيرًا من واقع استبعاد السلطة السياسية، معتبراً أن أي إطار دولي أو مجلس أجنبي يجب أن يكون مراقبًا فقط، وليس حاكمًا أو بديلًا عن السلطة الوطنية الفلسطينية الشرعية، خصوصًا في قطاع غزة.
وختم المصري حديثه بالتأكيد على أن الحل الحقيقي يقوم على ضرورة توافق فلسطيني داخلي شامل، يقطع الطريق على أشكال الوصاية الأجنبية والاستعمارية، ويحافظ على وحدة القرار الفلسطيني، مع دعوة لنهج سياسي واقعي ويقيني بعيدا عن التطرف أو التهاون.