صوّت مجلس الأمن الدولي، اليوم الجمعة، لصالح مشروع قرار أميركي يدعم خطة الحكم الذاتي المغربية في الصحراء الغربية، معتبرًا أنها "الحل الأكثر واقعية" لإنهاء النزاع المستمر منذ خمسة عقود، وذلك رغم امتناع ثلاث دول عن التصويت ورفض الجزائر المشاركة في الجلسة.
دعم دولي متزايد للمبادرة المغربية
القرار الجديد، الذي أُقرّ بـ11 صوتًا مؤيدًا دون معارضة، يتبنى موقفًا مؤيدًا لخطة الرباط المقدّمة عام 2007، والتي تنص على منح الإقليم حكما ذاتيا تحت السيادة المغربية.
ويُعد هذا التحول في موقف مجلس الأمن خطوة مهمة في مسار التسوية السياسية، خاصة أن الإقليم يُصنف ضمن "الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي" وفق تصنيف الأمم المتحدة، ويشهد نزاعًا بين المغرب وجبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر.
دعوة لاستئناف المفاوضات
نص القرار يدعو الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ومبعوثه الخاص ستافان دي ميستورا إلى مواصلة المفاوضات "استنادًا" إلى الخطة المغربية، في إطار البحث عن حل سياسي دائم ومقبول من الطرفين، وكانت المفاوضات بين المغرب والبوليساريو والجزائر وموريتانيا قد توقفت منذ عام 2019، وسط تعثر في التفاهمات الإقليمية والدولية.
مواقف متباينة بين الأطراف
وفي تصريحات سابقة، أكد مسؤول الشؤون الخارجية في البوليساريو محمد يسلم بيسط أن الجبهة قد تقبل بالخطة المغربية شرط أن يصادق عليها الشعب الصحراوي عبر استفتاء، فيما تعارض الجزائر تلك المقاربة بشدة، وقد شهدت العلاقات بين الجزائر وفرنسا توترًا حادًا منذ صيف 2024، بعد اعتراف باريس بالخطة المغربية، كما أبدت الجزائر استياءها من تجديد واشنطن دعمها للرباط في أبريل الماضي.
خلفية دبلوماسية وتحركات أميركية
القرار يأتي في سياق دعم أميركي متواصل للمبادرة المغربية، حيث كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد أعلن خلال ولايته الأولى عام 2020 تأييد الولايات المتحدة للخطة، مقابل تطبيع العلاقات بين الرباط وتل أبيب، وهذا الموقف فتح الباب أمام اعترافات متتالية من دول أوروبية كإسبانيا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا بالمبادرة المغربية.
ولمتابعة كل ما يخص "عرب 48" يُمكنك متابعة قناتنا الإخبارية على تلجرام
وخلال اجتماع مغلق لمجلس الأمن مطلع أكتوبر، أشاد دي ميستورا بـ"الجهود الدبلوماسية" الأميركية، لكنه أعرب عن قلقه من "غموض" بعض جوانب الخطة، داعيًا الرباط إلى تقديم "تفاصيل إضافية وشرح مقترحها"، بما يشمل خصوصًا "مبدأ تقرير المصير" للشعب الصحراوي.
تمديد مهمة "المينورسو"
وينص القرار أيضًا على تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في الصحراء الغربية (مينورسو) لمدة عام واحد، بعدما كانت النسخة السابقة من المشروع تقترح تمديدها ستة أشهر فقط، كما طالب القرار الأمين العام للأمم المتحدة بتقديم "تقييم إستراتيجي" للبعثة خلال ستة أشهر، لتحديد مدى فعاليتها في دعم العملية السياسية.
خطوة نحو التسوية أم تعميق الانقسام؟
يُنظر إلى القرار الجديد كمؤشر على تحول في المواقف الدولية تجاه ملف الصحراء الغربية، لكنه لا يخلو من التحديات، خاصة في ظل استمرار التباين بين الأطراف المعنية، وقال مصدر دبلوماسي في الأمم المتحدة، فضل عدم الكشف عن اسمه: "القرار يعكس دعمًا متزايدًا للمبادرة المغربية، لكنه لا يغلق الباب أمام الحوار، بل يفتح مسارًا جديدًا يتطلب مرونة من جميع الأطراف".
ويبقى مستقبل الإقليم مرهونًا بقدرة الفاعلين الإقليميين والدوليين على تجاوز الخلافات، وتقديم ضمانات حقيقية تضمن حقوق السكان وتحقق الاستقرار في المنطقة.
طالع أيضًا:
د. هالة خوري بشارات: مجلس الأمن "مشلول" بسبب الفيتو ولابد من البحث عن بدائل