شهدت الساحة السياسية العربية اليوم حالة حراك واسع عقب انتخاب الدكتور جمال زحالقة رئيسا للجنة المتابعة العليا، حيث عقّب النائب د.منصور عباس على هذا التطور باعتباره خطوة مفصلية قد تعيد ترتيب المشهد وتدفع نحو مرحلة جديدة من العمل الوطني المشترك.
وقال عباس، في مداخلة ضمن برنامج "أول خبر"، إن نتيجة الانتخابات باتت أمرا واقعا، لكن ما حدث من خلل في المسار الانتخابي يتطلب معالجة واضحة حتى لا تتكرر الأزمة في الدورات القادمة.
وأضاف أن المرحلة المقبلة يجب أن تركز على تصحيح الأخطاء التي رافقت الانتخابات، وسد الفجوات في تطبيق الدستور. وأوضح أن السؤال الأساسي الآن هو: هل ستتم مراجعة آليات انتخاب المجلس المركزي وسكرتارية المتابعة؟ مشيرا إلى أن الإصلاح يبدأ من احترام الدستور وتحديد الصلاحيات بدقة.
وأوضح أن تحميل رئيس لجنة المتابعة مسؤوليات موسعة قد يكون ظلما، لأن الدستور يحدد مهامه في نطاق محدود يشمل تمثيل المتابعة ودعوة وإدارة جلسات الهيئات التنظيمية. وأضاف أن "المطلوب هو منح الرئيس صلاحيات حقيقية ثم مساءلته عليها"، مؤكدا أن النقاش حول صلاحيات الرئيس أقدم من الشخصيات نفسها ويتكرر منذ سنوات طويلة.
الموحدة لم تطعن في النتائج ولم تدع إلى المقاطعة
وأشار إلى أن القائمة العربية الموحدة لم تدع إلى المقاطعة ولم تطعن في فوز الدكتور جمال زحالقة، بل اتخذت خطوة احتجاجية بسبب قرار إضافة عضو جديد للمجلس المركزي قبيل التصويت مباشرة دون إعلام مسبق. وقال إن هذه الخطوة "طعنت الثقة بين الأحزاب"، لكنها لم تمنع الموحدة من المضي قدما.
رفض الانقسامات داخل المؤسسات العربية
وشدد على أن الحركة الإسلامية والقائمة الموحدة لا تريد فتح الباب لانقسام جديد داخل المؤسسات العربية، مستعرضا تجارب الانقسام التي عاشها المجتمع العربي في التسعينات وفي العام 2007، ومؤكدا أن "الانقسام لا يولد وحدة بعد ذلك". وقال إن الموحدة، رغم عدم رضاها عن بعض الإجراءات، "ستبلع الضفدع وتمضي إلى الأمام"، لكن بشرط تصحيح المسار بشكل جدي.
وحول الاتهامات التي ظهرت في وسائل إعلام يمينية عن اتصالات خارجية أو دعم سياسي، وصفها الدكتور منصور بأنها افتراءات تهدف إلى تقويض دور الموحدة قبيل الانتخابات القادمة، مشيرا إلى وجود حملة ممنهجة من أطراف يمينية تتقاطع مع حملات من بعض الأحزاب العربية التي تعارض نهج الموحدة.
واستطرد أن المرحلة المقبلة تتطلب تهدئة، ومراجعة تمثيل الأحزاب والسلطات المحلية ضمن هيئات لجنة المتابعة، مؤكدا أن بناء ثقة جديدة هو شرط أساسي لنجاح الرئيس المنتخب ولمنع تكرار أزمات مشابهة.
عباس: الملفات الملحة للمجتمع العربي تتطلب قيادة موحدة
وأوضح عباس أن اللجنة أمام ملفات كبيرة تتطلب وضوحا في الرؤية وتوازنا في الإدارة. وأضاف: "نحن بحاجة إلى خطاب جامع لا يقصي أحدا، وإلى نهج يعيد الثقة بين الناس ومؤسسات العمل السياسي". وتابع أن انتخاب زحالقة "قد يشكل نقطة تحول إذا جرى التعامل معه كمنصة لتجديد دور المتابعة لا تكرار أزماتها".
وأعاد عباس التأكيد على أن المجتمع العربي يواجه تحديات يومية تتجاوز الخلافات الحزبية، مشيرا إلى أن "الملفات الملحة مثل الأمن الداخلي، والعنف، وقضايا الأرض والمسكن تحتاج إلى قيادة موحدة قادرة على جمع القوى السياسية والشعبية حول برنامج عمل واضح". وأكد أن أي نجاح للجنة المتابعة في المرحلة المقبلة "لن يكون إلا من خلال مشاركة فعلية لجميع المركبات، وليس عبر قرارات فوقية أو خطوات ارتجالية".
كما تطرق إلى طبيعة العلاقة بين منصات العمل الوطني والأحزاب، قائلا: "هناك حاجة لإعادة تعريف دور كل جهة، وتحديد ما يمكن أن تقوم به اللجنة وما يجب أن يبقى في إطار الأحزاب. التداخل الحالي أدى في كثير من الأحيان إلى إرباك في الشارع وفقدان البوصلة".
انتخاب زحالقة مسؤولية مزدوجة
وشدد عباس على أن انتخاب زحالقة يضع أمامه مسؤولية مزدوجة: أولا "إعادة بناء جسور الثقة"، وثانيا "قيادة مشروع وطني يعالج التحديات الآنية التي يعيشها الناس يوميا".
اختبار للجميع
وقال: "إذا نجحنا في تحويل اللجنة إلى جسم فاعل ومؤثر، فسوف نتمكن من تحقيق إنجازات حقيقية، أما إذا بقينا في دائرة الخلافات فلن ننجح مهما كان الشخص في رئاسة المتابعة".
وختم بالقول إن المرحلة المقبلة "اختبار للجميع وليس لشخص واحد"، مؤكدا أن الموحدة ستدعم كل خطوة من شأنها "جمع الناس وتقوية مؤسساتهم السياسية".
