قال الباحث في شؤون الجيش والأمن القومي الإسرائيلي د. فادي نحاس إن الصفقة الأمريكية السعودية لبيع طائرات F-35 تمثل خطوة استراتيجية عميقة، لكن إسرائيل تبدي قلقًا من آثارها على التفوق العسكري النوعي للجيش الإسرائيلي، وتستخدم هذا القلق كأداة تفاوضية في ملف التطبيع مع الرياض.
وفي مداخلة هاتفية ضمن برنامج يوم جديد، أوضح نحاس أن الولايات المتحدة تتحكم بالبرمجيات الخاصة بطائرات F-35، ما يجعل قدرتها التشغيلية تعتمد على الدعم الأميركي الكامل، مضيفًا أن "الطائرة لن تكون قادرة بفعالية عالية إلا باعتماد البرمجيات التي تمنحها الولايات المتحدة، التي تحتفظ بحق الفيتو البرمجي على كل ما يتعلق بالصيانة والتحكم".
وأكد نحاس أن المخاوف الإسرائيلية ترتبط بخطر تسريب التكنولوجيا إلى قوى عالمية مثل الصين أو روسيا، لكنها في الوقت نفسه "ورقة تفاوض مع السعودية في مسألة التطبيع العسكري وليس المدني، كون العلاقة تحكمها القضايا التكنولوجية والعسكرية". وأضاف أن الصفقة جزء من أكبر بيع أسلحة في تاريخ الولايات المتحدة، بقيمة إجمالية تصل إلى 142 مليار دولار، ما يعكس عمق التعاون الاستراتيجي المستقبلي بين الرياض وواشنطن.
وأوضح أن إسرائيل لم تعارض الصفقة علنًا، مكتفية بترك الجيش والإدارة الأميركية في الواجهة، معتمدين على أن التأثير الفعلي على الموقف الأمريكي محدود، قائلاً: "إسرائيل تدرك تمامًا تأثيرها على القرار الأمريكي، لكنها لا تمتلك حق الفيتو، وتستخدم القلق كذريعة لمكاسب محتملة".
وتطرق نحاس إلى أن الصفقة تأتي ضمن ثلاثة محاور رئيسية للمحادثات الأميركية السعودية، تشمل اتفاق دفاعي قد لا يُعرض على مجلس الشيوخ، التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، حيث "السعودية تطمح لوصول مستقر وموثوق للتكنولوجيا الأميركية، خصوصًا الشرائح المتقدمة"، والطاقة، إذ تسعى الرياض لتعزيز استثماراتها في الطاقة المتجددة وإبرام اتفاق تعاون نووي مدني مع واشنطن.
وختم نحاس بالقول إن الصفقة تعكس تغييرًا في موازين القوى الإقليمية، وأن الولايات المتحدة تستثمر في السعودية لتعزيز تحالفات استراتيجية، مع مراعاة مخاوف إسرائيل، مضيفًا أن "الطرف السعودي يسعى لأن تكون هذه التكنولوجيا عاملاً فاعلًا في المشهد الإقليمي، لا مجرد صفقة شراء أسلحة".