في تطور علمي غير مسبوق، توصل باحثون يابانيون إلى نتائج لافتة تكشف عن قدرة نوع نادر من البكتيريا المعزولة من ضفادع وشبه برمائيات أخرى على القضاء الكامل على أورام القولون في نماذج فئران مخبرية، مع تحفيز قوي للجهاز المناعي ومنح الحيوانات مناعة طويلة الأمد ضد المرض، ما يفتح الباب أمام جيل جديد من العلاجات البيولوجية للسرطان.
نُشرت نتائج الدراسة في مجلة Gut Microbes العلمية، وتناولها تقرير لموقع Lifespan، وقادها فريق بحثي برئاسة البروفيسور إييجيرو مياكو من المعهد الياباني المتقدم للعلوم والتكنولوجيا (JAIST)، في إطار الاهتمام المتزايد بدور الميكروبيوم في تنظيم المناعة والاستجابة للأمراض المزمنة، وعلى رأسها السرطان.
لماذا بكتيريا البرمائيات؟
على عكس الأبحاث التقليدية التي تركز على بكتيريا الأمعاء البشرية، اتجه الباحثون إلى دراسة سلالات بكتيرية مأخوذة من كائنات فقارية مختلفة، شملت ضفدع الشجر الياباني وسمندر الماء الياباني ونوعًا من السحالي، في محاولة لاكتشاف خصائص علاجية غير مستكشفة.
اختبار السلالات على أورام القولون
بعد فحوص أولية، اختار الفريق تسع سلالات بكتيرية لاختبار فعاليتها ضد سرطان القولون البشري المزروع تحت الجلد في فئران تمتلك جهازًا مناعيًا سليمًا.
وبعد وصول الأورام إلى حجم محدد، تلقت الفئران حقنة واحدة من محلول البكتيريا عبر الوريد، وتمت متابعة تطور الحالة لمدة 40 يومًا.
نتائج متفاوتة.. واستجابة استثنائية
أظهرت معظم السلالات المختبرة قدرة نسبية على إبطاء نمو الأورام وتحسين معدلات البقاء على قيد الحياة، إلا أن سلالة واحدة سجلت نتائج غير مسبوقة.
بكتيريا تقضي على الأورام بنسبة 100%
برزت بكتيريا Ewingella americana، المعزولة من أمعاء ضفدع الشجر الياباني، كأكثر السلالات فعالية، إذ أدت إلى تدمير كامل وسريع لأورام القولون لدى جميع الفئران المعالجة، مع بقاء نسبة البقاء على قيد الحياة عند 100% حتى نهاية فترة المتابعة، في حين نفقت جميع فئران مجموعة التحكم قبل اليوم الثلاثين.
مناعة طويلة الأمد ضد السرطان
وأظهرت التجارب اللاحقة أن الفئران التي شُفيت من الأورام أصبحت مقاومة لإعادة الإصابة عند زرع الخلايا السرطانية مرة أخرى، ما يشير إلى تكوّن مناعة دائمة ضد هذا النوع من السرطان.
كيف تعمل البكتيريا داخل الجسم؟
أوضحت التحليلات أن البكتيريا تعتمد على آليتين رئيسيتين:
قتل مباشر للخلايا السرطانية من خلال إفراز سموم تؤدي إلى تدمير أغشية الخلايا.
تنشيط الجهاز المناعي عبر تحفيز الخلايا التائية والبائية والعدلات، وزيادة إفراز عوامل مضادة للسرطان مثل الإنترفيرون جاما.
ملف أمان مشجع في التجارب الحيوانية
وأظهرت الفحوص الدموية والنسيجية عدم وجود مؤشرات على سمية أو أضرار بالأعضاء الحيوية، ما يعكس ملف أمان أولي مشجع في النماذج الحيوانية المستخدمة.
ولمتابعة كل ما يخص"عرب 48" يمكنك متابعة قناتنا الإخبارية على تلجرام
هل يقترب علاج السرطان بالبكتيريا؟
ورغم أن الدراسة أُجريت على نموذج سرطاني تحت الجلد، يرى الباحثون أن النتائج تفتح آفاقًا واعدة لتطوير علاجات بكتيرية مبتكرة، خاصة للسرطانات المنتشرة، مع التأكيد على أن الانتقال إلى التجارب البشرية يتطلب سنوات من الأبحاث الإضافية لضمان السلامة والفعالية.
طالع أيضًا