يرى الدكتور يسري خيزران، المؤرخ والمحاضر الجامعي والباحث في معهد ترومان في الجامعة العبرية، أن ما تشهده مناطق الساحل السوري من مظاهرات واحتجاجات لا يمكن قراءتها كحراك مرحلي عابر، بل يأتي في سياق أزمة بنيوية أعمق يعيشها النظام السوري.
وأضاف في مداخلة هاتفية لبرنامج "أول خبر"، على إذاعة الشمس، أن النظام السوري لم يتمكن حتى الآن من فرض سلطته أو تقديم أي أفق حقيقي للحل الداخلي.
وأوضح أن الوضع في السويداء لا يزال يمثل تحديا واضحا للنظام، مشيرا إلى أن المحافظة تعيش منذ العام الماضي خارج سلطة الدولة، في ظل حالة قطيعة مستمرة وعجز النظام عن فرض سيطرته أو تطويق الأزمة.
وتابع: "هذا الواقع لا يقتصر على السويداء فقط، بل ينسحب أيضا على الساحل السوري، حيث تأتي المظاهرات ضمن سلسلة من الأحداث المتصاعدة، سبقها تفجير استهدف مسجد الإمام علي، إضافة إلى دعوات دينية لمقاطعة مناسبات رسمية، ما يعكس حالة اعتراض واسعة على سياسات النظام".
واعتبر "خيزران" أن النظام السوري، رغم كونه مدعوما دوليا بدافع الخوف من انتشار الفوضى، لا يمتلك لا النية ولا الآليات اللازمة لمعالجة الوضع الداخلي، مؤكدا أن بقاء النظام لا يعني بالضرورة أن سوريا تتجه نحو حل سياسي أو استقرار حقيقي.
وأضاف أن رواية النظام التي تحاول تحميل أطراف خارجية أو "فلول" مسؤولية الحراك الشعبي لا يمكن التعامل معها بجدية، مشددا على أن عجز النظام عن بسط الأمن وتوفير السلام بحد ذاته يمثل فشلا واضحا.
وأشار "خيزران" إلى أن ما يجري في سوريا يترافق مع انتهاكات واعتداءات يومية، لا سيما بحق العلويين، في سياق انتقامي، مؤكدا أن النظام ليس طرفا حياديا، بل هو جزء أساسي من منظومة القمع.
ولفت إلى أن ما حدث في الساحل في شهر مارس من العام الماضي، من خلال إعلان النفير العام وخطاب التحريض الديني، يعكس استخداما ممنهجا للتهييج الطائفي، وهو النهج ذاته الذي انسحب على مناطق أخرى، من بينها السويداء والشمال السوري.
وحذر "خيزران" من أن الخطاب الإقصائي الذي يعتمده النظام، تحت شعار الحفاظ على الاستقرار والانسجام، يدفع البلاد نحو مزيد من الانقسام، ويعزز طرح مشاريع مثل الفيدرالية، لا سيما لدى الأكراد والدروز.
وأكد أن هذه الطروحات ليست مجرد شعارات، بل تعبير عن أزمة عميقة، محذرا من أن استمرار النهج الحالي قد يقود في نهاية المطاف إلى تفكيك الدولة السورية.