في عالم يتسارع فيه كل شيء من حولنا، قد يبدو من غير المعقول أن يجد البعض أنفسهم عالقين في دوامة من الخوف والقلق بمجرد التفكير في الخروج من منازلهم.
فوبيا الخروج من المنزل أو (رهاب الخلاء)، هي حالة معقدة ومؤلمة تعزل الأفراد عن العالم الخارجي وتفرض عليهم حدوداً ضيقة لا تتيح لهم سوى البقاء في مناطق الأمان التي يعرفونها.
فكيف يمكن لعالم مفتوح أن يتحول إلى سجن نفسي؟ وكيف يمكن للمساحات الواسعة والمزدحمة أن تثير الرعب في نفوس البعض؟
في هذا التقرير عبر "الشمس" سنأخذكم في رحلة داخل عمق العقل البشري وكيفية مواجهته للتحديات المقلقة في عصرنا الحديث.
ما هو رهاب الخلاء
رهاب الخلاء (Agoraphobia)، هو نوع من اضطرابات القلق يتجلى في شعور الشخص بعدم الأمان إلا داخل منزله.
حيث يفضل تجنب الخروج تماماً، خصوصاً إلى الأماكن المزدحمة مثل وسائل النقل العامة، المطاعم، أو الفعاليات الرياضية.
و في حال اضطر للخروج إلى مثل هذه الأماكن، قد يواجه قلقاً شديداً، وقد تنتابه نوبات هلع يشعر خلالها وكأنه محاصر تماماً.
وتعود أسباب هذا الرهاب إلى الخوف من التعرض للقلق الشديد أثناء التواجد في أماكن عامة أو أمام الآخرين، بالإضافة إلى القلق من الإحراج إذا حدثت نوبة هلع.
لذلك، قد يتجنب الشخص الخروج من منزله لمدد طويلة قد تمتد لأيام، أشهر، أو حتى سنوات.
وعادةً ما يكون الخروج فقط إلى أماكن مألوفة ومع شخص يثق به مثل صديق أو قريب.
أعراض فوبيا الخروج من المنزل
1- تجنب الخروج من المنزل إلا في حالات الضرورة القصوى.
2- الاستمرار في البقاء داخل المنزل حتى بعد نفاد الأساسيات مثل الأدوية والطعام.
3- تجنب تحمل المسؤوليات التي تتطلب الخروج مثل العمل أو الدراسة.
4- عدم الرغبة في التواجد في الأماكن العامة مثل وسائل النقل العامة، المتاجر، أو المتنزهات.
إذا خرج الشخص من منزله إلى مكان غير مألوف أو مزدحم بالناس، قد يشعر بالخوف الشديد ويصاب بنوبة هلع تتسم بالأعراض التالية:
1- تسارع نبض القلب.
2- تعرّق غزير.
3- ارتجاف في الجسم.
4- صعوبة في التنفس.
5- ألم في الصدر.
6- غثيان وإسهال.
7- دوخة.
8- صعوبة في البلع.
9- احتمال الإغماء.
أسباب رهاب الخلاء
تعود فوبيا الخروج من المنزل غالباً إلى الإصابة باضطراب الهلع، وهو حالة نفسية تتسبب في نوبات هلع مفاجئة وبدون سبب واضح.
إذا تعرض الشخص لنوبة هلع في الأماكن العامة، فقد يتطور لديه خوف من تكرار هذه التجربة، مما يدفعه لتجنب الخروج من المنزل.
في بعض الحالات الأقل شيوعاً، قد لا ترتبط فوبيا الخروج باضطراب الهلع مباشرةً.
بدلاً من ذلك، قد يكون السبب هو الخوف من تعرضه لحوادث مثل حوادث السير أو السرقة، أو الإصابة بالأمراض.
كما يمكن أن يكون السبب ناتجاً عن تجربة صادمة في الحياة، مثل خسارة الوظيفة، مما يؤدي إلى دخول الشخص في حالة من الاكتئاب.
وفي هذه الحالة، قد يشعر الشخص بأن منزله هو ملاذه الآمن ويعتبر العالم الخارجي مكاناً مخيفاً، مما يجعله يفضل البقاء في المنزل.\
كيفية تشخيص فوبيا الخروج من المنزل
لتشخيص فوبيا الخروج من المنزل، يقوم الطبيب النفسي بطرح ثلاثة أسئلة رئيسية:
1- هل تشعر بالخوف من الخروج من المنزل؟
2- ما هي الأماكن أو المواقف التي تخاف منها، وما هو سبب خوفك منها؟
3- هل تعتمد على الآخرين لأداء مهام مثل التسوق أو القيام بالأعمال الخارجية بدلاً منك؟
بعد ذلك، يتناول الطبيب الأعراض الأخرى التي يعاني منها المريض ومدى شدتها.
ويتم التشخيص إذا كان هناك خوف شديد أو نوبات هلع تحدث عند التعرض لموقفين أو أكثر من المواقف التالية:
1- استخدام وسائل النقل.
2- التواجد في أماكن مفتوحة.
3- التواجد في أماكن مغلقة مثل السينما أو المتاجر الصغيرة.
4- الخروج من المنزل بمفردك.
5- التواجد في أماكن مزدحمة.
علاج فوبيا الخروج من المنزل
عادةً ما يكون العلاج النفسي، وبالأخص العلاج السلوكي المعرفي، هو الخيار الأكثر استخداماً.
في هذا النوع من العلاج، يتعلم المريض دوافع خوفه الشديد ويكتسب مهارات للتعامل معه.
ويشمل العلاج أيضاً أسلوباً شائعاً آخر وهو العلاج بالتعرض، حيث يبدأ الشخص بالخروج من منزله تدريجياً.
وعلى سبيل المثال، يمكن أن يبدأ بالخروج إلى عتبة المنزل، ثم إلى باحة المنزل، ثم إلى متجر قريب، وهكذا حتى يكتسب الشجاعة للخروج بشكل كامل دون خوف أو هلع، وذلك تحت إشراف الطبيب النفسي.
بالإضافة إلى العلاج النفسي، قد تستخدم الأدوية لعلاج فوبيا الخروج من المنزل.
وتشمل الأدوية المهدئات التي تستخدم لفترة قصيرة خلال نوبات الهلع، وكذلك مضادات الاكتئاب التي تستخدم لفترات طويلة.
طالع أيضًا
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي "الشمس" وانما تعبر عن رأي اصحابها.