يرى الدكتور فادي نحاس، المحاضر في العلوم السياسية والاستراتيجية، أن مفهوم القومية العربية يشهد اليوم حالة تحول عميقة وليست حالة موت -كما يُروَّج أحيانًا-.
وأضاف في مداخلة هاتفية لبرنامج "أول خبر"، على إذاعة الشمس: "كل ما يحدث في المنطقة وبالأخص الحرب على غزة قد أسقط بشكل نهائي إمكانية التعويل على مشروع عربي جامع مناهض للغطرسة الخارجية، وذلك لأن البنية المجتمعية العربية لم تصل بعد إلى مرحلة الجاهزية لاحتضان هذا المشروع".
لماذا تراجع المشروع القومي العربي؟
وأرجع تراجع المشروع القومي إلى عدة عوامل متراكبة أهمها صعود الإسلام السياسي والهويات الدينية والمناطقية، إضافة إلى الحروب الطائفية في سوريا والعراق واليمن.
كما لفت إلى الدور الواضح للعامل الإقليمي والتدخل الغربي الذي بدأ منذ كامب ديفيد وأوسلو، وصل لاتفاقيات أبراهام، معتبرًا أن الانقسامات والخلافات الفلسطينية لعبت هي الأخرى دورًا جوهريًا في إضعاف الحالة القومية.
وأضاف: "ما تبقى اليوم من المشروع القومي الكلاسيكي هو الرمزية والذاكرة والمركبات القصرية كالثقافة واللغة، أما الإرادة الجماعية فأصبحت في موضع تساؤل".
نكسة 67 .. الضربة القاسمة
ويرى أن نكسة يونيو 1967 شكلت الضربة القاسمة للقومية العربية والسياسة الداخلية للمجتمع المصري والعربي عمومًا، إذ أدت الهزيمة إلى فقدان الثقة وضياع البوصلة الجماعية بعد التجربة الناصرية.
وأوضح: "التحولات لم تترافق مع بناء مشاريع اقتصادية أو ثقافية فاعلة عابرة للأنظمة، بل بقيت الأفكار القومية حبيسة التنظير، دون تطبيق عملي ملموس، وهو ما حدّ من قدرتها على الاستمرار والانتشار".
ويرى الدكتور نحاس أن القومية انتقلت اليوم لوضع "وظيفي"، ويُعلِّل ذلك قائلًا: "نحن بحاجة لمشاريع اقتصادية وثقافية حقيقية عابرة للأنظمة تكون أساسًا لإعادة اللُحمة، لا أن نبقى حبيسي الخطاب الكلاسيكي".
وفي ختام حديثه، أكد الدكتور فادي نحاس أن جيل الشباب العربي الحالي يملك من الأدوات واللغات والمعرفة ما يتيح له بناء حالات فردية من النجاح، لكن تظل فكرة الوعي الجماعي ضعيفة وتحديات المجتمع المدني والمؤسساتية قائمة.