أحيت إذاعة الشمس يوم بث خاص بمناسبة مرور 22 عامًا على انطلاقتها، تحت عنوان:
"حرية التعبير عن الرأي والتغيّرات التي طرأت عليها منذ التأسيس"، حيث استضافت خلاله شخصيات إعلامية واجتماعية، وتوقفت عند أبرز التحوّلات التي واكبتها الإذاعة خلال أكثر من عقدين.
الإعلام موقف قيمي
في مداخلة مطوّلة، شدّد مدير عام الإذاعة، الأستاذ سهيل كرام، على أنّ إذاعة الشمس كانت ولا تزال لاعبًا مركزيًا في التحوّل المجتمعي داخل المجتمع العربي.
عن الجريمة… والفراغ الذي خلّفه غياب "عمود الخيمة"
"الإعلام موقف قيمي، ونحن لا نغطي الجرائم من باب الحياد، بل من باب الالتزام الأخلاقي".
القتل ليس قضية عابرة… بل قضية وجود. الموت بيد الله وحده، ولا يحق لأي إنسان أن يسلب روحًا.
"نحن أمام مأساة وطنية كبرى، والتعامل معها لا يكون بسطحية، بل بصدق وشجاعة وموقف"
وتابع كرام، رابطًا بين تفشي الجريمة وبين غياب الرموز الجامعة:
"أحمد فؤاد نجم، وهو في السجن، حكى عن لحظة موت جمال عبد الناصر ، حين بكت والدته رغم أنه كان معتقلاً في عهده. قالت له: ‘وقع عمود الخيمة’.
واليوم، نحن نعيش في مجتمع فقد أعمدته، لم يعد هناك من يُجمع الناس حوله، من يشكّل مرجعية أخلاقية أو سياسية أو حتى رمزية."
وأشار كرام إلى أن مدينة الناصرة، كمثال، كانت تحظى بشخصية مثل توفيق زياد، الذي لعب دور "عمود الخيمة" محليًا ووطنياً:
"كنتُ أختلف معه وأنتقده، لكنني كنت أراه عمودًا لخيمتنا. هذا هو معنى التعددية: أن ننتقد دون أن نخوّن. اليوم نفتقد توفيق زياد، ونفتقد مثله…
ولهذا أيضًا تفاقمت أزمة الجريمة. لأن الجريمة تنتعش حين يغيب الضمير، ويغيب الموقف، ويغيب العمود."
وختم بالقول "نحن لا نواجه فقط قتلة… بل نواجه فراغًا وغيابًا في الرموز. والمجتمع الذي بلا عمود… تنهار خيمته بسهولة."
من الخوف إلى المشاركة: تحوّل في وعي الناس
واستذكر مدير الإذاعة الأيام الأولى للبث، حين كانت الاتصالات الهاتفية محدودة والناس تتردد في الحديث خوفًا من التبعات:
"الناس كانوا يسألونا: بدك تسجلني؟ بنفع أحكي؟"
اليوم، بث مباشر يومي يتفاعل فيه آلاف المواطنين مع برامجنا… والناس باتوا يعرفون: صوتهم مسموع".
الإعلام الرقمي: وراء كل منشور قيمة ومؤسسة
وفي سياق الحديث عن الإعلام الجديد، أكّد كرام أنّ الإذاعة طوّرت أدواتها وتواجدها في العالم الرقمي:
"نحن نتفاعل مع الشارع، لكن لا يمكن فعل ذلك دون الإعلام البديل. الملايين يتابعوننا على المنصات، ليس فقط لأننا موجودون… بل لأن هناك قيمة وراء كل منشور، وهناك مؤسسة كاملة تقف وراءه."
التحدي الاقتصادي في سنوات الأزمة
وعن الواقع الاقتصادي، اعتبر كرام أنّ السنوات الأخيرة شكلت تحديًا كبيرًا للإذاعة والمؤسسات الإعلامية:
"منذ السابع من أكتوبر، الأوضاع الاقتصادية كارثية. لكننا أصحاب رسالة… والأزمات تزيد من مسؤوليتنا. الناس تحتاج لمن يُطمئنها، لمن يخبرها بالحقيقة، لمن يفتح النقاش."
22 عامًا من التأثير
تأتي هذه الذكرى لتؤكد أن إذاعة الشمس لم تكن مجرد مشروع إعلامي، بل منصة مركزية لصوت الناس، وحاضنة للنقاش، ومنبرًا حرًا لا يساوم على القيم والحق والحقيقة.
وأضاف "كرّام":
"كنا حسب رأيي البشارة لمجتمعنا العربي، إذاعة صاحبة رسالة لخدمة المجتمع العربي بدون منة على أحد، واليوم نحتفل بـ 22 عام من العمل الجدي والنضال".
البداية
وعن بدايات المشروع، قال: "لا أنسى أصدقائي الذين تواصلوا معي و اتهموني بالجنون، والكثيرون اعتقدوا أن المشروع سوف ينهار خلال عام على الأكثر، وأن الإذاعة لن تستطيع القيام بواجبها، وأقول لهم الإذاعة روح وجسد تتنفس على مدار 24 ساعة، ليس من خلال مقدمي البرامج والمذيعين ولكن من خلال المجتمع الذي تحيا بداخله".
وأضاف:
"إذاعتنا غير مجندة وليست بوقًا لأحد، اليوم أحكي هذا الأمر بصدر مفتوح، فقد أثبتنا أننا مؤسسة إعلامية مهنية، ولسنا حزب أو تابعين لأحد".