بدأت الولايات المتحدة الأميركية فعليًا خفض حضورها العسكري في مركز التنسيق المدني العسكري المشترك مع إسرائيل بمدينة كريات غات، وهو المركز الذي أُنشئ لإدارة المساعدات الإنسانية والتنسيق الميداني خلال مرحلة ما بعد الحرب في قطاع غزة.
ووفق مصدرين أميركيين رسميين، غادر جزء من نحو 200 عسكري كانوا مكلفين بإقامة وتشغيل المركز، في خطوة تأتي ضمن عملية انتقالية نحو هيكلية جديدة تقودها إدارة الرئيس دونالد ترامب.
واشنطن تستعد لإخضاع المركز لمجلس السلام المتوقع الإعلان عن تأسيسه قريبًا
وبحسب المصادر ذاتها، فإن واشنطن تستعد لإخضاع المركز إلى مجلس السلام المتوقع الإعلان عن تأسيسه قريبًا، والذي من المرتقب أن يترأسه ترامب شخصيًا.
ويُنظر إلى هذا المجلس، وفق تعبير أحد المصادر، باعتباره مكوّنًا رئيسيًا في الخطة الأميركية التي أُشير إليها في قرار مجلس الأمن الأخير.
وبموجب القرار، سيتولى المجلس تنسيق إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، ودفع مشاريع إعادة الإعمار، بالإضافة إلى الإشراف على جهود إصلاح السلطة الفلسطينية.
وأوضح المصدر أنّ المجلس سيعمل بالتوازي مع “اللجنة التكنوقراطية” الفلسطينية، المكلفة بإدارة الخدمات المدنية اليومية في القطاع، بينما يُفترض أن تنفذ السلطة الفلسطينية برنامج إصلاحات واسع يرتبط بترتيبات ما بعد الحرب.
ولمتابعة كل ما يخص "عرب 48" يُمكنك متابعة قناتنا الإخبارية على تلجرام
أولوية أميركية لبناء مجمعات سكنية مؤقتة شرق الخط الأصفر
وأكد دبلوماسيان مطلعان على عمل مركز التنسيق، إلى جانب مصدر آخر من داخل المركز، أن واشنطن تولي أولوية قصوى لخطة بناء مجمعات سكنية بديلة مؤقتة شرق الخط الأصفر وتحت سيطرة الجيش الإسرائيلي.
وتأتي هذه الخطوة ضمن رؤية أميركية–إسرائيلية مشتركة تهدف إلى إعادة تنظيم المشهد السكاني والخدماتي في غزة.
أهداف الخطة الأميركية
وقال أحد الدبلوماسيين إن الخطة الأميركية تستند إلى هدفين رئيسيين فتح مزيد من المعابر لإدخال المساعدات، وإقامة مجمعات سكنية مؤقتة.
ورجّح الدبلوماسي أن ذلك قد يلقى قبولًا إسرائيليًا، نظرًا لأن إنشاء هذه المجمعات سيؤدي فعليًا إلى تقسيم القطاع إلى شطرين، ما يمنح إسرائيل هامشًا أمنيًا أكبر.
ويشارك في عمل المركز أكثر من 20 دولة، بينها مصر والإمارات وعدة دول أوروبية.
وأفادت مصادر دبلوماسية بأن الدول المشاركة تطرح على الجانب الأميركي أسئلة قانونية وأخلاقية حول خطة بناء الأحياء الجديدة، خصوصًا ما يتعلق بحقوق الملكية وقدرة السكان على الخروج من هذه المجمعات ومستقبل الأراضي المصادرة.
ووفق أحد الدبلوماسيين، فإن الولايات المتحدة تميل إلى مصادرة الأراضي وتعويض أصحابها، مؤكدًا أن العمل الهندسي لإزالة الأنقاض استعدادًا لبناء المجمعات يسير بوتيرة متسارعة.
خلافات هادئة داخل مركز التنسيق
ورغم عدم وجود معارضة حادة من الدول المشاركة، كشفت مصادر مختلفة أن العديد من الحكومات تحاول دفع واشنطن لمنح السلطة الفلسطينية حضورًا أكبر في غزة ضمن عملية إعادة البناء.
وقال دبلوماسي أوروبي إن الجدل الحالي يدور حول من سيتولى إدارة المدارس والمستشفيات في القطاع خلال المرحلة المقبلة.
وتشير مصادر داخل المركز إلى أن القرارات الحقيقية المتعلقة ببناء الأحياء الجديدة لا تُتخذ داخل مركز التنسيق نفسه، بل في البيت الأبيض أو عبر مشاورات مباشرة مع القيادة السياسية الإسرائيلية، فيما يقتصر دور المركز على تقديم حلول تقنية وهندسية.
وفي الأسبوع الماضي، جرى نقل بعض صلاحيات منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية (كوغات) المتعلقة بإدخال المساعدات الإنسانية إلى مركز التنسيق، ما خلق توترات بين الجانبين الأميركي والإسرائيلي، خصوصًا حول كمية الشاحنات ونوعية البضائع المسموح بدخولها.
وأفاد مصدر أميركي بأن عدد الشاحنات التي تدخل غزة يوميًا ارتفع إلى نحو 800 شاحنة، رغم أن اتفاق وقف إطلاق النار يلزم إسرائيل بـ600 شاحنة يوميًا فقط. ونسب المصدر هذا الارتفاع إلى آليات التنسيق الجديدة داخل المركز.
وفي المقابل، تظهر بيانات الأمم المتحدة أن نسبة صغيرة فقط من الشاحنات تنتمي إلى المنظمات الإنسانية الدولية.
فمنذ بدء سريان وقف إطلاق النار، دخلت 4335 شاحنة فقط تتبع للمنظومة الإنسانية، وهي كمية تغطي أسبوعًا واحدًا من الاحتياجات، بينما تعتمد غالبية المواد الغذائية على القطاع الخاص أو مساعدات خارج إطار الأمم المتحدة.
ووفق مصدر أممي، فإن معظم السلع التجارية التي تدخل غزة هي وجبات سريعة وشوكولاتة وسكاكر، بينما تظل المواد الأساسية كاللحوم والحليب والخضار نادرة في الأسواق، ما يدفع السكان للاعتماد على الكربوهيدرات.
إسرائيل: لا نقل للصلاحيات بل دمج أميركي
وأوضح منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية أن دمج الأميركيين في آليات التنسيق قد بدأ بالفعل، وأن الخطوة تتضمن نقل غرفة التنسيق المشتركة إلى كريات غات.
وشدد على أن الأمر لا يعني نقل صلاحيات إلى الجانب الأميركي، بل تعزيز التعاون والمراقبة لضمان دخول المساعدات مع الحد من تدخل حركة حماس.
وأضاف أن إسرائيل ستواصل فحص جميع الشاحنات في المعابر وفق معاييرها الأمنية المعمول بها.
اقرأ أيضا
غزة: 497 خرقاً إسرائيلياً للهدنة منذ أكتوبر..وتحذيرات من تقويض الاتفاق