أسفرت ضربات أميركية ليلية واسعة النطاق استهدفت مواقع في وسط وجنوب سوريا، عن مقتل خمسة عناصر على الأقل من تنظيم داعش الإرهابي، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، السبت، في عملية عسكرية جاءت بعد أسبوع واحد من هجوم دامٍ في مدينة تدمر أسفر عن مقتل ثلاثة أميركيين.
وأكّد الأردن مشاركته في الغارات، في مؤشر على تنسيق إقليمي متجدد في إطار الحرب على التنظيم المتطرف.
الضربات الأميركية تستهدف خلايا نشطة لتنظيم داعش
ووفق المرصد، شملت الضربات الأميركية خلايا نشطة للتنظيم في البادية السورية، وأسفرت عن مقتل قيادي بارز هو قائد خلية مسؤولة عن تشغيل الطائرات المسيّرة في ريف دير الزور، ما يعكس تركيز العمليات على قدرات داعش التقنية واللوجستية.
وقال مصدر أمني سوري إن الغارات استهدفت خلايا للتنظيم في مناطق واسعة من البادية، ولا سيما في محافظات حمص ودير الزور والرقة، مؤكداً أن العمليات اقتصرت على الضربات الجوية ولم تتضمن أي إنزال أو تحرك بري، وأن معظم الأهداف تقع في مناطق جبلية وعرة يصعب الوصول إليها.
ولمتابعة كل ما يخص "عرب 48" يُمكنك متابعة قناتنا الإخبارية على تلجرام
ضرب أكثر من 70 هدف في أنحاء وسط سوريا
وأعلنت الولايات المتحدة، فجر السبت، أنها ضربت أكثر من 70 هدفاً في أنحاء وسط سوريا باستخدام طائرات مقاتلة ومروحيات هجومية ومدفعية، في عملية وصفتها القيادة الوسطى الأميركية سنتكوم بأنها اعتمدت على أكثر من 100 نوع من الذخائر الموجهة بدقة.
واعتبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب الضربات انتقامية قوية جداً، رداً على هجوم تدمر في 13 كانون الأول/ديسمبر الجاري.
ويمثل هجوم تدمر حادثة غير مسبوقة منذ وصول الرئيس السوري أحمد الشرع إلى السلطة بعد إطاحة بشار الأسد قبل أكثر من عام.
وكانت واشنطن ودمشق قد نسبتاه إلى تنظيم داعش، رغم أن التنظيم لم يتبنَّ العملية.
وذكرت وزارة الداخلية السورية أن منفذ الهجوم كان قد انضم في الأشهر الأخيرة إلى صفوف قوات الأمن، وكان مقرراً فصله بسبب تبنيه أفكاراً تكفيرية أو متطرفة، ما فتح الباب أمام تساؤلات حول اختراقات أمنية وتحديات إعادة هيكلة المؤسسات الأمنية في المرحلة الجديدة.
ضربة عين الصقر للقضاء على داعش
وبعيد الضربات، أعلن وزير الحرب الأميركي بيت هيغسيث عبر منصة “إكس” أن القوات الأميركية بدأت عملية أُطلق عليها اسم “ضربة عين الصقر” للقضاء على مقاتلي التنظيم وبناه التحتية ومواقع تخزين أسلحته.
وأكدت “سنتكوم” في بيانها مشاركة سلاح الجو الأردني في تنفيذ الغارات، وهو ما شدد عليه لاحقاً بيان للجيش الأردني.
وقال الجيش الأردني إن سلاح الجو نفذ ضربات جوية دقيقة استهدفت عدداً من الأهداف التابعة لعصابة داعش الإرهابية في مناطق جنوبي سوريا، موضحاً أن العملية تأتي في إطار الحرب المستمرة على الإرهاب ومنع التنظيمات المتطرفة من استغلال الجنوب السوري كنقطة انطلاق لتهديد أمن دول الجوار والمنطقة.
وأشار البيان إلى أن التنظيم حاول خلال الفترة الأخيرة إعادة إنتاج نفسه وبناء قدراته في تلك المناطق.
ويُعد الأردن شريكاً أساسياً في التحالف الدولي لمكافحة تنظيم “داعش” منذ تأسيسه عام 2014 بقيادة الولايات المتحدة، وشارك في تنفيذ غارات جوية وفتح قواعده العسكرية أمام قوات التحالف.
كما كان هدفاً مباشراً لهجمات التنظيم، أبرزها إعدام الطيار الأردني معاذ الكساسبة حرقاً في سوريا عام 2015، في حادثة هزّت الرأي العام الأردني والعربي.
التزام دمشق بمكافحة تنظيم داعش
وعقب الضربات الأميركية، أكدت وزارة الخارجية السورية في بيان التزام دمشق الثابت بمكافحة تنظيم داعش وضمان عدم وجود ملاذات آمنة له في الأراضي السورية، من دون أن تشير مباشرة إلى الغارات.
وأكدت أن السلطات ستواصل تكثيف عملياتها العسكرية ضد التنظيم في جميع المناطق التي يهددها.
ومنذ وصوله إلى السلطة، يسعى الرئيس أحمد الشرع إلى ترميم علاقة سوريا مع الغرب، ولا سيما الولايات المتحدة، أملاً في فتح آفاق اقتصادية لبلاد أنهكتها سنوات النزاع. وفي هذا السياق، انضمت سورية رسمياً إلى التحالف الدولي لمكافحة داعش خلال زيارة الشرع إلى واشنطن في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، بعد أن كان التنظيم قد سيطر على مساحات شاسعة من سوريا والعراق قبل دحره بين عامي 2017 و2019.
الرد الأميركي لن يكون محدود
وبعد إعلان العملية، كتب ترامب على منصته تروث سوشال: نوجه ضربات قوية جداً، مؤكداً أن الرد الأميركي لن يكون محدوداً.
وأفادت سنتكوم بأن الولايات المتحدة وحلفاءها نفذوا، منذ هجوم تدمر، عشر عمليات في سوريا والعراق أسفرت عن مقتل أو اعتقال 23 عنصراً إرهابياً.
وتنتشر القوات الأميركية في سوريا بشكل أساسي في مناطق سيطرة المقاتلين الأكراد في شمال وشمال شرق البلاد، إضافة إلى قاعدة التنف قرب الحدود مع الأردن، حيث تركز واشنطن وجودها العسكري على مكافحة التنظيم ودعم حلفائها المحليين، في معركة تبدو مفتوحة على جولات أخرى مع عودة “داعش” إلى واجهة المشهد الأمني.
اقرأ أيضا
غارات إسرائيلية متواصلة جنوب لبنان تواكب نقاشات رسمية حول حصر السلاح