يعتبر السل الرئوي أحد الأمراض المعدية القديمة التي لا تزال تشكل تحديًا صحيًا عالميًا في العصر الحديث.
ينتج هذا المرض عن عدوى بكتيرية تُعرف علميًا باسم "Mycobacterium tuberculosis"، وتستهدف الرئتين بشكل رئيسي، ولكن يمكنها أيضًا أن تؤثر على أجزاء أخرى من الجسم.
وعلى الرغم من التقدم الطبي الكبير، لا يزال السل الرئوي من الأمراض التي تُسبب معدلات عالية من المراضة والوفيات، خاصة في الدول النامية والمناطق ذات الكثافة السكانية العالية والموارد الصحية المحدودة.
السل الرئوي، المرض الذي يضع جهازك التنفسي في مواجهة معركة غير متوقعة، قد يبدو كأن هذا العدو ينتمي إلى الماضي البعيد، لكن الحقيقة هي أنه لا يزال حاضرًا، يتحدى العلاجات الحديثة ويشكل خطرًا على الصحة العامة.
ما هو السل الرئوي؟
مرض السل الرئوي هو عدوى بكتيرية تنجم عن المتفطرة السلية (Mycobacterium tuberculosis)، وهي نوع من البكتيريا التي تستهدف الرئتين بشكل رئيسي، لكن يمكن أن تؤثر أيضًا على أعضاء أخرى في حوالي 10-40% من المرضى.
ينتقل هذا المرض من شخص لآخر عبر قطرات هواء محمولة، والتي تنتشر من خلال السعال، العطاس، أو حتى الكلام.
وفي عام 2018، سجلت تقارير عن إصابة حوالي 10 ملايين شخص بالسل في جميع أنحاء العالم، وتسبب المرض في وفاة أكثر من 1.2 مليون شخص.
عندما تدخل المتفطرة السلية إلى الجسم وتستقر في الرئتين، يمكن أن تحدث واحدة من أربع حالات:
1- التصفية الفورية: التخلص من البكتيريا تمامًا.
2- السل الأولي: بداية فورية لمرض السل النشط.
3- العدوى الخافية: وجود البكتيريا في الجسم بدون ظهور أعراض.
4- الاستنشاط: ظهور المرض النشط بعد سنوات من الإصابة.
تُلاحظ حالات الاستنشاط في حوالي 5-10% من الأشخاص الذين لديهم عدوى خافية ويكونون في صحة جيدة.
من العوامل التي قد تزيد من خطر استنشاط مرض السل، تتضمن الحالات التي تؤثر على الجهاز المناعي، ومنها:
1- الإيدز وفيروس نقص المناعة المكتسبة (HIV): يؤثر بشكل كبير على قدرة الجسم على مكافحة العدوى.
2- الفشل الكلوي: يمكن أن يؤثر سلباً على مناعة الجسم.
3- السكري: يعزز خطر الإصابة بالسل النشط بسبب تأثيره على جهاز المناعة.
4- استخدام الأدوية الستيرويدية (الكورتيزون): قد يضعف جهاز المناعة ويزيد من خطر الإصابة.
5- الضعف المناعي المرتبط بالعمر: يتسبب في ضعف استجابة الجهاز المناعي مع تقدم العمر.
6- التدخين: يضر بصحة الرئتين ويزيد من احتمالية الإصابة بالسل.
ما هي أعراض السل الرئوي؟
بعد العدوى الأولية، يستطيع حوالي 90% من الأشخاص الذين يتمتعون بجهاز مناعي سليم التخلص من البكتيريا أو تحويلها إلى عدوى خافية.
في هذه الحالة لا تظهر أعراض، ولكن العدوى الخافية قد تنشط في أي وقت.
أما بالنسبة للنسبة المتبقية من الأشخاص، فإن لديهم احتمال تطور مرض السل الأولي، مما يؤدي إلى التهاب في الرئة، وقد تنتقل العدوى إلى مناطق أخرى من الجسم.
يحدث هذا السيناريو بشكل أكثر شيوعًا لدى الأشخاص الذين يمتلكون استجابة مناعية ضعيفة.
1- العدوى الأولية
قد لا تظهر أعراض للعدوى الأولية ولكن إذا ظهرت، فإنها تشمل:
1-الحمى: وهو العرض الأكثر شيوعًا.
2-ألم جنبي في الصدر (ألم في جوانب الصدر) أو خلف عظمة القص.
3-أعراض أخرى أقل شيوعًا تشمل: الإرهاق، السعال، ألم مفصلي، والتهاب البلعوم.
2- العدوى المستنشطة
قد تبقى العدوى النشطة غير مشخصة لفترة طويلة، مما يسمح بنقل العدوى لعدة سنوات وعندما تظهر الأعراض، فهي تشمل:
1- السعال.
2- نقصان الوزن وفقدان الشهية.
3- الإرهاق.
4 -الحمى و/أو العرق الليلي: حيث تزداد الحمى تدريجيًا خلال النهار وتخف أثناء النوم.
5- ألم في الصدر وضيق في النفس.
كيف يتم تشخيص المرض؟
تشخيص مرض السل يبدأ عند الاشتباه بالإصابة بناءً على الأعراض والعلامات السريرية وتوافر عوامل الخطر لدى المريض.
يعتمد التشخيص النهائي على القدرة على عزل المتفطرة السلية من إفرازات المريض، ويشمل ذلك إجراء زراعة لبلغم المريض أو أخذ خزعة من نسيج الرئة.
وتُعد الصور الشعاعية، مثل الأشعة السينية والأشعة المقطعية، أدوات مهمة لدعم التشخيص.
بالإضافة إلى ذلك، يتم إجراء اختبار التوبركولين الجلدي (اختبار مانتو)، حيث أن النتيجة الإيجابية تدعم احتمال وجود مرض السل الفعال ولكن لا تؤكد التشخيص بشكل قاطع، بينما النتيجة السلبية لا تنفي وجود مرض السل الفعال.
1-العلامات الشعاعية في العدوى الأولية
عادةً ما لا تُظهر صور الأشعة تغييرات واضحة في العدوى الأولية، لكن قد تظهر بعض العلامات التالية:
1- تضخم الغدد اللمفاوية النقيرية (Hilar adenopathy).
2 -انصباب جنبي: تجمع السوائل حول الرئة.
3- ارتشاحات رئوية.
2- العلامات الشعاعية في العدوى المستنشطة:
في حالات العدوى المستنشطة، قد تظهر اعتلالات في صور الأشعة الرئوية حتى في غياب الأعراض، ومن هذه الاعتلالات:
1- ارتشاحات رئوية في الجزء القمّي الخلفي من الفص العلوي للرئة في حوالي 80-90% من المرضى.
2- علامات غير نموذجية مثل: تضخم الغدد اللمفاوية النقيرية وتجاويف في المناطق الوسطى والسفلية من الرئة.
ما هو علاج السل الرئوي؟
يتطلب علاج السل الرئوي التزامًا وصبرًا من قبل المريض، إلى جانب تعاون وثيق مع الطبيب، العلاج يستمر عادةً لفترة طويلة تصل إلى 6 أشهر أو أكثر، ويتطلب من المريض الالتزام بتناول الأدوية الموصوفة بشكل يومي.
يشتمل العلاج الأساسي على أربعة أنواع من المضادات الحيوية التي تؤخذ يوميًا على فترات مختلفة، وهي ضرورية لضمان فعالية العلاج والحد من مقاومة البكتيريا.
طالع أيضًا
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي "الشمس" وانما تعبر عن رأي اصحابها.