تتزايد مؤشرات التصعيد في قطاع غزة مع تسريب تقارير إعلامية أميركية تشير إلى أن إسرائيل وضعت خطة تدريجية لتكثيف الضغوط على حركة حماس، وصولًا إلى احتمال استئناف الحرب بشكل كامل في حال عدم الإفراج عن 59 محتجزًا إسرائيليًا ما زالوا لدى الحركة.
وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية أن إسرائيل بدأت بالفعل تنفيذ أولى خطوات هذه الخطة خلال الأسبوع الماضي، إذ أوقفت إدخال السلع والإمدادات إلى القطاع كجزء من مساعيها لإجبار حماس على الرضوخ للمطالب الإسرائيلية.
الولايات المتحدة تحذر بعودة الحرب
في سياق متصل، أطلق الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومبعوثه للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، تهديدات مباشرة بعودة العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة إذا لم تستجب حماس لمطالب إسرائيل.
وتشمل الخطة الإسرائيلية التصعيدية مراحل متعددة تبدأ بقطع الكهرباء والمياه، ثم تصعيد القصف الجوي، وصولًا إلى احتمال إعادة السيطرة على أجزاء من القطاع، وفقًا لمصادر عسكرية إسرائيلية وأميركية.
قطع الخدمات الأساسية عن غزة
وصرح وزير المالية الإسرائيلي وعضو مجلس الوزراء الأمني، بتسلئيل سموتريتش، بأن الخطوات المقبلة قد تشمل قطع الخدمات الأساسية عن غزة"، مؤكدًا أن هذه الإجراءات نوقشت في اجتماع حكومي أمني الأسبوع الماضي، ما يعكس جدية تل أبيب في المضي قدمًا بالتصعيد.
وفي حال فشل هذه الخطوات في تحقيق أهدافها، تدرس إسرائيل شنّ غارات جوية وهجمات برية تكتيكية تستهدف مواقع تابعة لحماس، مع احتمال إجبار مئات الآلاف من الفلسطينيين على النزوح مجددًا، في مشهد يعيد إلى الأذهان مشاهد التهجير القسري الواسع خلال مراحل الحرب السابقة.
كما كشفت التقارير الأميركية أيضًا أن الخطة التصعيدية تتضمن خيارًا نهائيًا يتمثل في اجتياح غزة بقوة عسكرية أكبر مما سبق، مع فرض سيطرة جزئية على الأرض واستهداف القدرات العسكرية للحركة، غير أن هذا السيناريو يواجه تحديات داخلية؛
الجيش يواجه صعوبة في تعبئة قوات الاحتياط
وأفادت صحيفة "هآرتس" بأن الجيش الإسرائيلي يعاني صعوبة في تعبئة قوات الاحتياط، حيث وصلت نسبة الحضور في بعض الألوية إلى 50% فقط، فيما يواجه الجنود الاحتياطيون ضغوطًا نفسية وخيارات شخصية معقدة تدفع البعض لرفض التجنيد مجددًا، خصوصًا في ظل غياب رؤية سياسية واضحة للحرب واحتمال تعريض حياة الرهائن الإسرائيليين للخطر.
ووفقا لمصادر مطلعة، أبدى عدد من قادة الاحتياط نيتهم إنهاء خدمتهم العسكرية وعدم التطوع للقتال مجددًا في غزة، لاعتقادهم بأن العودة إلى العمليات العسكرية تخدم أهدافًا سياسية أكثر من كونها ضرورة عسكرية، خاصة بعد أن كان دافعهم الأساسي للتجنيد في أكتوبر الماضي هو تحرير الرهائن.
الحسم العسكري
وفي المقابل، أكّد مسؤولون إسرائيليون أن الشعور العام داخل القيادة السياسية والأمنية يميل نحو الحسم العسكري، إذ صرّح مايكل ماكوفسكي، المسؤول السابق في البنتاغون، بأن إسرائيل مصممة على إنهاء وجود حماس مهما كلف الأمر، متوقعًا اجتياحًا أكثر عنفًا وشمولًا للقطاع في حال انهيار المفاوضات.
وصلت المفاوضات بين إسرائيل وحماس، التي توسطت فيها أطراف إقليمية ودولية، إلى طريق مسدود، إذ تصرّ تل أبيب على الإفراج عن جميع الرهائن دون تقديم أي ضمانات بوقف الحرب، بينما تطالب حماس بوقف شامل للأعمال العسكرية وتبادل الأسرى في إطار صفقة شاملة، وهو ما ترفضه إسرائيل تمامًا.
ولمتابعة كل ما يخص "عرب 48" يُمكنك متابعة قناتنا الإخبارية على تلجرام
تمديد المرحلة الأولى
ووفقًا لتسريبات إعلامية، عرضت تل أبيب تمديد المرحلة الأولى من الهدنة مؤقتًا مقابل الإفراج عن الرهائن دون الدخول في مناقشات المرحلة الثانية، لكنها وضعت مهلة زمنية تنتهي اليوم السبت لقبول العرض، مما يضع القطاع بأكمله أمام احتمالات مفتوحة.
في ظل هذه التعقيدات، يرى محللون عسكريون أن إسرائيل باتت في وضع ميداني أفضل لتنفيذ عمليات واسعة في غزة، مستندة إلى تعزيز مخزونها من الذخائر بعد تخفيف إدارة ترامب القيود السابقة على الإمدادات العسكرية، كما أن الجيش الإسرائيلي خفف انتشاره على الحدود الشمالية بعد فرض حالة تهدئة على حزب الله عبر حملة عسكرية مكثفة في الخريف الماضي، ما يتيح تركيز القوة العسكرية على غزة دون تشتيت الموارد.
ومع انتهاء المهلة المحددة اليوم، يترقب سكان غزة بقلق ما ستؤول إليه الأوضاع، إذ يُخشى أن يؤدي انهيار المفاوضات إلى استئناف الاحتلال عملياته العسكرية، ما يعني تصعيدًا جديدًا في ظل كارثة إنسانية خانقة يعيشها القطاع منذ بداية الحرب.
ومع تفاقم أزمات الغذاء والدواء، وتدهور البنية التحتية نتيجة الدمار المستمر، تبدو غزة عالقة في دائرة من العنف والتصعيد، بينما تتلاشى فرص السلام مع استمرار تصلب المواقف السياسية لدى الطرفين.
اقرأ أيضا
كفى لقتل النساء..وقفة احتجاجية في حيفا عشية يوم المرأة العالمي رفضًا للعنف