تشهد قرية السر في محيط شقيب السلام بالنقب تصعيداً أمنياً واسع النطاق مع اقتحام قوات كبيرة من الشرطة ودائرة أراضي إسرائيل بهدف هدم 35 منزلاً مصنوعة من الصفيح والخشب، بدعوى البناء غير المرخص.
وأقدم السكان على حرق منازلهم كتصرف احتجاجي لمنع الهدم، في مشهد مأساوي يعكس حجم الألم واليأس الذي يعانيه الأهالي وسط صمت رسمي.
ولحديث أوسع حول هذا الموضوع، كانت لنا ضمن برنامج "أول خبر" عدة مداخلات، مع المسؤولين والنشطاء في النقب.
البداية مع نائب رئيس مجلس شقيب السلام، سويلم العمراني، الذي وصف الوضع قائلاً: "الناس تظاهروا وبدأوا يحرقون بيوتهم، الدولة تجبر الإنسان على حرق بيته، هذه حرب نفسية".
وأشار إلى أن الاتصالات مع الجهات الحكومية فشلت في منع النزوح وحرق المنازل، مطالباً بإيجاد حل سريع عبر توفير مساكن بديلة خصوصاً مع قدوم فصل الشتاء، وقال: "لسنا ضد القسائم، نحن نتعاون معهم، لكن بحاجة لمكان بديل مؤقت".
من ناحيته، اعتبر النائب عن القائمة العربية الموحدة، وليد الهواشلة، أن الشرطة تستخدم قنابل صوتية وغازية ضد السكان وتعتمد سياسة اعتقالات واسعة في حق الشباب الذين يعبرون عن غضبهم المشروع.
وأضاف أن الوعود الحكومية بتوزيع قسائم سكنية لسكان شقيب السلام لا تترجم على الأرض، مما يعمق مأساة الأهالي ويشل قدرتهم على الصمود. وأكد: "الشرطة لا تؤمن حق التعبير وتعامل السكان بأسلوب قمعي".
أما رئيس المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها في النقب، سليمان الهواشلة، بيّن أن السلطات هدمت أكثر من 120 بيتاً في القرية منذ بداية الحملة، وأن محاولة إخراج السكان بشكل قسري تستهدف تفريغ المنطقة من أصحاب الأرض الأصليين.
وأضاف: "القرية موجودة قبل قيام الدولة، والأهالي مصرون على البقاء مهما كانت الظروف القاسية". وأبدى قلقه من استمرار عمليات الاعتقال التي بلغت العشرات حتى الآن.
ومن جانبه، وصف الناشط السياسي والاجتماعي، عقاب العواودة، مشاهد الهدم في قرية السر بأنها "تطهير عرقي ممنهج"، مشدداً على أن الاعتداءات على المسنين وغيره من السكان المدنيين هي أمر مرفوض يضيء "الضوء الأحمر" أمام القيادات العربية للتوحّد والمواجهة.
وأكد أن ما يحدث يعيد تكرار معاناة مشابهة لتلك التي تشهدها غزة، معتبراً أن هذه السياسة تمثل حربًا شاملة على أبناء النقب.
وتشهد قرية السر إغلاقاً تاماً لشوارع الدخول والخروج، مما يعزل السكان ويمنع وصول الدعم، ومع استمرار الهدم والصراع، يبقى مصير مئات العائلات على المحك، وسط مطالب دولية ومحلية بالضغط لوقف هذه الممارسات.