لم يعد الاكتئاب مجرد اضطراب نفسي معزول عن الجسد، فالعلم اليوم يثبت أن الأمعاء والعقل يرتبطان بخط تواصل دقيق يؤثر على المزاج والسلوك أكثر مما نتصور.
دراسة إسبانية حديثة كشفت عن دور غير متوقع للحمض الأميني "البرولين" في التأثير على الحالة النفسية، موضحة أنه قد يكون أحد مفاتيح فهم العلاقة بين النظام الغذائي، بكتيريا الأمعاء، وكيمياء الدماغ.
دراسة تربط البرولين بالاكتئاب
أجرى باحثون من إسبانيا دراسة شملت عينات من البشر والفئران وذباب الفاكهة، ووجدوا أن النظام الغذائي الغني بالبرولين وهو حمض أميني يوجد بكثرة في الجيلاتين، لحم البقر، والأسماك يمكن أن يزيد من احتمالية ظهور أعراض الاكتئاب.
وتشير النتائج إلى أن ارتفاع مستويات البرولين في الجسم قد يؤدي إلى تغيرات كيميائية في الدماغ تؤثر في المزاج، بينما يساعد ضبط هذه المستويات على تقليل خطر الاكتئاب بشكل ملحوظ.
بكتيريا الأمعاء.. الحارس الصامت للمزاج
أظهرت الدراسة أن التركيب البكتيري في الأمعاء يلعب دورًا أساسيًا في كيفية تعامل الجسم مع البرولين.
فوجود أنواع من البكتيريا القادرة على تحليل هذا الحمض الأميني يقلل من تأثيره السلبي على الدماغ، إذ تعمل هذه البكتيريا كـ"مرشّح وقائي" يمنع وصول كميات ضارة من البرولين إلى الجهاز العصبي.
وبعبارة أخرى، فإن صحة أمعائك قد تكون هي المفتاح لحماية صحتك النفسية.
تجارب مخبرية تؤكد الرابط
في تجربة أخرى، استخدم الباحثون ذباب فاكهة معدلًا وراثيًا يفتقر إلى القدرة على نقل البرولين إلى الدماغ، ولاحظوا أن هذا الذباب أظهر مقاومة واضحة لأعراض الاكتئاب.
تُظهر هذه النتائج أن انتقال البرولين إلى الدماغ هو العامل الحاسم وراء التأثيرات النفسية السلبية، ما يجعل التحكم في مساره هدفًا واعدًا للعلاج.
آفاق علاجية جديدة
يرى العلماء أن هذه النتائج قد تمهّد الطريق لتطوير علاجات غذائية وميكروبية تستهدف موازنة مستويات البرولين في الجسم.
كما يمكن مستقبلاً تصميم مكملات أو أدوية تعمل على تعزيز البكتيريا المفيدة التي تقلل من امتصاص البرولين، مما يوفر وسيلة طبيعية للوقاية من الاكتئاب.
طالع أيضًا