تسببت الأمطار الغزيرة التي رافقت بداية المنخفض الجوي، فجر الأربعاء، في غرق عشرات خيام النازحين المنتشرة في مناطق اللجوء بقطاع غزة، وسط تدهور غير مسبوق في أوضاع مئات آلاف الأسر التي تفتقر إلى أبسط مقومات الحماية من المطر والبرد.
وشهد القطاع هطول كميات كبيرة من الأمطار خلال ساعات الليل، أدت إلى غمر مساحات واسعة من تجمعات الخيام، فيما أظهرت مقاطع مصوّرة دخول المياه إلى أماكن الإيواء المؤقتة وإتلاف المتعلقات الشخصية للنازحين.
دعوات لتدخلات طارئة
أطلقت غرفة العمليات الحكومية للتدخلات الطارئة في قطاع غزة، اليوم الأربعاء، مناشدة عاجلة إلى المؤسسات الدولية والمنظمات الإنسانية والجمعيات المحلية، طالبت فيها بوقف تخزين الخيام ومستلزمات الإيواء، والإسراع في توزيعها مباشرة على العائلات المتضررة دون أي تأخير، في ظل تفاقم الأحوال الجوية.
وأكدت الغرفة أن القطاع يحتاج إلى أكثر من 300 ألف خيمة ووحدات إيواء مؤقتة، لتأمين الحد الأدنى من المأوى للأسر التي فقدت منازلها خلال العامين الماضيين نتيجة الدمار الواسع في المساكن والبنية التحتية.
بلدية غزة عاجزة أمام المنخفض
وقال رئيس بلدية غزة، يحيى السراج، إن المنخفض الجوي تسبب في ارتفاع كبير لمنسوب المياه وغرق العديد من مراكز الإيواء، إضافة إلى إغلاق طرق رئيسية في المدينة.
وأوضح أن البلدية تواجه الظروف الحالية بإمكانات محدودة، وتعتمد على معدات مستأجرة قديمة لا تستطيع الاستجابة لحجم الأضرار.
وأشار إلى توقعات بموجة جديدة من العواصف خلال الساعات المقبلة، في وقت تفتقر فيه المدينة للأدوات اللازمة للتعامل مع الطوارئ.
وأعلن الدفاع المدني في غزة تلقيه أكثر من ألف مناشدة إنقاذ منذ بدء المنخفض، مشيرًا إلى أن الأمطار الغزيرة تسببت بغرق آلاف الخيام، خاصة في المناطق الغربية من القطاع، ما ضاعف معاناة النازحين الذين يعيشون في ظروف قاسية.
ارتقاء وإصابة مواطنين بمناطق مختلفة في قطاع غزة
ميدانيًا، ارتقى عدد من المواطنين اليوم الأربعاء بنيران الجيش الإسرائيلي، فيما وصلت جثامين ضحيتين وخمس إصابات إلى مستشفيات غزة خلال الساعات الـ24 الماضية، نتيجة الخروقات المتواصلة لاتفاق وقف إطلاق النار.
وبذلك ترتفع حصيلة ضحايا الخروقات منذ 11 تشرين الأول/ أكتوبر 2025 إلى 379 ضحية و992 مصابًا، إضافة إلى انتشال 627 جثمانًا.
أما حصيلة ضحايا الحرب منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 فقد ارتفعت إلى 70,369 ضحية و171,069 إصابة.
وفي اليوم الـ61 من وقف إطلاق النار، اجتاحت الأمطار الغزيرة آلاف الخيام المنتشرة في مختلف مناطق القطاع، وسط تحذيرات من تأثير منخفض قطبي جديد قد يهدد حياة مئات آلاف النازحين الذين يواجهون الشتاء في خيام بدائية منذ أكثر من عام.
القطاع بحاجة إلى أكثر من 300 ألف خيمة ووحدات سكنية مسبقة
ويقدَّر أن القطاع بحاجة إلى أكثر من 300 ألف خيمة ووحدات سكنية مسبقة الصنع لضمان الحد الأدنى من المأوى، في ظل الدمار الهائل الذي ألحقته الحرب بالبنية التحتية والمساكن خلال العامين الماضيين، ما جعل عشرات آلاف العائلات تواجه المنخفضات الجوية بلا حماية تذكر.
وأكد المكتب الإعلامي الحكومي أن المنخفض القطبي "بيرون" يحمل معه مخاطر كبيرة على قطاع غزة، نظراً للتوقعات بهطول أمطار غزيرة قادرة على التسبب بفيضانات وسيول واسعة، إلى جانب هبّات رياح قوية قد تقتلع الخيام الضعيفة، ترافقها عواصف رعدية وأمواج بحر عالية.
وحذّر المكتب من أن هذه الظروف المناخية قد تُحدث تداعيات خطيرة على عشرات آلاف العائلات التي تعيش في خيام لا توفر أي حماية من شدة المنخفضات، بما ينذر بوقوع أضرار واسعة في صفوف السكان المنكوبين.
الدفاع المدني يحذر من كارثة إنسانية
من جهته، حذّر المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة، محمود بصل، من مخاطر غير مسبوقة قد يواجهها القطاع مع دخول المنخفض الجوي العميق، في ظل الانهيار الكبير الذي أصاب البنية التحتية جراء الحرب التي أودت بحياة الآلاف ودمّرت قطاعات الخدمات الأساسية.
وأوضح بصل أن مخيمات ومراكز الإيواء، إضافة إلى المباني الآيلة للسقوط، مهددة بالانهيار الكامل نتيجة الأمطار الغزيرة، ما قد يؤدي إلى سقوط ضحايا إضافيين. كما أشار إلى أن المخيمات الواقعة في مناطق منخفضة مرشحة للغرق التام، نظراً لعدم قدرتها على استيعاب كميات الأمطار المتوقعة، محذراً من احتمال غرق واسع النطاق في حال استمرار الهطولات الشديدة.
ولمتابعة كل ما يخص "عرب 48" يُمكنك متابعة قناتنا الإخبارية على تلجرام
وأضاف أن الحرب التي هدأت نسبيًا "تعود هذه المرة عبر موجات البرد والسيول والانهيارات"، في ظل افتقار النازحين لأي وسائل حماية.
ودعا بصل المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية إلى التدخل الفوري لإدخال الكرفانات وتجهيزها ضمن بنية تحتية ملائمة، تضمن الحد الأدنى من الأمن والسلامة للعائلات المشردة.
تطورات ميدانية تزامناً مع العاصفة
وفي سياق التطورات الميدانية، أطلقت آليات الجيش الإسرائيلي، فجر الأربعاء، نيرانها شمالي مدينة رفح جنوب القطاع، بالتزامن مع هطول الأمطار على مختلف مناطق غزة.
كما فجرت قوات الجيش عدداً من المباني السكنية في حي التفاح شرق غزة، قبل أن تقدم على نسف مبانٍ أخرى شرقي المدينة، ضمن سلسلة متواصلة من عمليات التدمير التي تستهدف الأحياء السكنية.
وبينما يواجه السكان نذر كارثة مناخية تضرب خيامهم الهشة، تستمر العمليات العسكرية في استنزاف ما تبقى من مقومات الحياة في القطاع المنكوب، ما يعمّق الأزمة الإنسانية المتفاقمة بلا أفق للحل.
اقرأ أيضا