أقدم مجهولون على إحراق شجرة الميلاد في باحة كنيسة دير اللاتين بمدينة جنين، بعد إلقاء مواد حارقة وألعاب نارية باتجاهها، في حادثة وصفها أبناء الرعية بأنها عمل تخريبي مقصود لا يمثل المدينة ولا نسيجها الاجتماعي.
وقال وليد باشا، أحد أبناء الرعية اللاتينية في جنين، في مداخلة صمن برنامج "أول خبر" على إذاعة الشمس، إن الاعتداء جرى عبر إلقاء قنبلة حارقة يدوية الصنع على الشجرة، ما أدى إلى احتراقها بالكامل، مؤكدا أن ما حدث هو "محاولة لإشعال فتنة" سرعان ما أُحبطت بتكاتف أهالي المدينة.
وأوضح باشا أن رد الفعل كان فوريا، حيث توافد ممثلو القوى السياسية والمجتمعية، إلى جانب المحافظ والمفتي والكاهن، إلى الكنيسة، وشاركوا معا في تنظيف المكان وإعادة ترميم الشجرة وإضاءتها في اليوم نفسه. وأضاف أن مدينة جنين، بمسلميها ومسيحييها، وقفت صفا واحدا لتأكيد أن هذا الاعتداء لا يعكس قيمها ولا تاريخها.
وأشار إلى أن عدد أبناء الجالية المسيحية في مدينة جنين يتراوح بين 120 و130 شخصا، مؤكدا أنهم عاشوا دائما كجزء أصيل من المجتمع دون أي تمييز ديني، معتبرا أن الحادثة الأولى من نوعها في فلسطين.
وأكد باشا أن مراسم الميلاد ستقام كالمعتاد، بمشاركة أبناء الرعية من جنين والقرى المحيطة، من بينها دير غزالة وبرقين وكفر كود والزبابدة، لافتا إلى أنه من المقرر إعادة إضاءة شجرة الميلاد مساء اليوم بحضور رسمي وشعبي واسع.
محافظ جنين: حرق الشجرة محاولة فاشلة لإثارة الفتنة وتصرف فردي لا يمثلنا
من جانبه، أكد محافظ جنين كمال أبو الرب أن الاعتداء على شجرة الميلاد في المدينة يشكل اعتداء على كل الفلسطينيين، مسلمين ومسيحيين، مشددا على أن ما جرى محاولة فاشلة لإثارة الفتنة في مجتمع عرف تاريخيا بالتعايش والوحدة بين أبنائه.
وأوضح في مداخلة هاتفية لبرنامج "يوم جديد"، على إذاعة الشمس، أن هذا النوع من الحوادث طارئ على محافظة جنين، التي لم تشهد سابقا مثل هذه الاعتداءات، معتبرا أن ما حدث هو تصرف فردي غير مسؤول ولا يعبر عن أخلاق المجتمع الفلسطيني ولا عن تعاليم الدينين الإسلامي والمسيحي.
وقال إن المحافظة تنظر إلى الحادث باعتباره مساسا بالنسيج الاجتماعي ومحاولة نزع الفرحة من قلوب المواطنين في فترة الأعياد.
وأشار محافظ جنين إلى أن الجهات الأمنية باشرت منذ اللحظة الأولى التحقيق في الحادث، من خلال فحص وسحب تسجيلات كاميرات المراقبة، مؤكدا أن العمل جار للوصول إلى الجاني، مع الامتناع عن الكشف عن تفاصيل إضافية في هذه المرحلة إلى حين استكمال الإجراءات القانونية.
وأضاف أن هذا الملف يحظى بأولوية قصوى لدى الأجهزة الأمنية نظرا لحساسية الحدث وتوقيته.
ولفت أبو الرب إلى أن المحافظة عقدت اجتماعا طارئا ضم المؤسسات الأمنية ورجال الدين وممثلي حركة فتح، حيث جرى التأكيد على رفض الاعتداء واستنكاره، واتخاذ قرار بإزالة آثار التخريب وإعادة إضاءة شجرة الميلاد في أسرع وقت ممكن، في خطوة تهدف إلى إفشال أي محاولة للمساس بالوحدة المجتمعية.
وأضاف أن إعادة إضاءة الشجرة ستتم بمشاركة رسمية وشعبية واسعة، تشمل المجلسين التنفيذي والاستشاري، والمؤسسة الأمنية، ورجال الدين، مؤكدا أن هذه الخطوة تحمل رسالة واضحة بأن المجتمع الفلسطيني يواجه مثل هذه التصرفات بمزيد من التكاتف والتضامن، لا بالانقسام.