بعد عقود طويلة من الغموض والجدل العلمي، أعاد قرار الاتحاد الدولي للسكري (IDF) في عام 2025 تسليط الضوء على أحد أكثر أنواع مرض السكري إهمالًا، وهو السكر من النوع الخامس.
هذا الاعتراف الرسمي لم يكشف فقط عن مرض ظل غير مرئي طبيًا لنحو 70 عامًا، بل فتح الباب أيضًا لفهم أعمق لحالات سكري مرتبطة بالفقر وسوء التغذية، خاصة في الدول النامية.
ما هو السكر من النوع الخامس؟
يختلف السكر من النوع الخامس جذريًا عن الأنواع المعروفة من السكري، إذ لا يرتبط بالسمنة، ولا بنمط الحياة غير الصحي، ولا بالحمل، كما لا يعود إلى اضطرابات مناعية ذاتية مثل السكري من النوع الأول.
ويرجح الأطباء أن السبب الأساسي للإصابة به هو سوء التغذية المزمن في المراحل المبكرة من الحياة، ما يؤدي إلى تلف البنكرياس أو عدم اكتمال نموه، وبالتالي ضعف إفراز هرمون الإنسولين.
أول ظهور لمرض السكري المرتبط بسوء التغذية
تم رصد هذا النوع من السكري لأول مرة في جامايكا خلال خمسينيات القرن الماضي، حيث لوحظ انتشاره بين شباب صغار السن، نحفاء، ويعانون من سوء التغذية.
وعلى عكس مرضى السكري من النوع الأول، لم تظهر على هؤلاء المرضى حالات الحماض الكيتوني الخطيرة، كما لم يعانوا من مقاومة الإنسولين الشائعة لدى مرضى النوع الثاني.
لماذا تم تجاهل سكر النوع الخامس لعقود؟
كان المرض يُعرف سابقًا باسم داء السكري المرتبط بسوء التغذية (MRDM)، وقد اعترفت به منظمة الصحة العالمية لفترة وجيزة في ثمانينيات القرن الماضي، قبل أن تتراجع عن ذلك الاعتراف بسبب نقص الأدلة العلمية آنذاك.
لكن دراسات حديثة تشير إلى أن هذا المرض قد يصيب نحو 25 مليون شخص حول العالم، خاصة في دول آسيا وأفريقيا ذات الدخل المنخفض والمتوسط، حيث ينتشر انعدام الأمن الغذائي.
مخاطر التشخيص الخاطئ لمرض السكري من النوع الخامس
يحذر الخبراء من أن تشخيص هذا النوع على أنه سكري من النوع الأول أو الثاني قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة، إذ إن العلاج التقليدي بجرعات مرتفعة من الإنسولين قد يكون غير فعال، بل قد يسبب تقلبات حادة في مستويات السكر بالدم.
وغالبًا ما يحتاج المرضى إلى جرعات صغيرة جدًا من الإنسولين أو إلى بروتوكولات علاجية مختلفة تمامًا.
أعراض السكر من النوع الخامس
تتشابه أعراضه مع أعراض الأنواع الأخرى من السكري، وتشمل:
العطش الشديد
كثرة التبول
الإرهاق والتعب
فقدان الوزن
تشوش الرؤية
بطء التئام الجروح
علامات تميّزه عن الأنواع الأخرى
ما يميّز هذا النوع هو ارتباطه الواضح بعلامات سوء التغذية، مثل:
النحافة الشديدة
تأخر النمو أو البلوغ، خاصة لدى الشباب
فقر الدم
ضعف المناعة وتكرار العدوى
وغالبًا ما تظهر الأعراض قبل سن الثلاثين.
ولمتابعة كل ما يخص"عرب 48" يمكنك متابعة قناتنا الإخبارية على تلجرام
الاعتراف الرسمي خطوة نحو العدالة الصحية
شكّل الاتحاد الدولي للسكري فريق عمل متخصص لوضع:
معايير تشخيص دقيقة
إرشادات علاجية واضحة
سجل عالمي لمرضى السكر من النوع الخامس
برامج تدريب لمقدمي الرعاية الصحية
ويؤكد الباحثون أن هذا الاعتراف الرسمي سيساهم في زيادة الوعي العالمي، وتوفير التمويل، وتحسين فرص التشخيص والعلاج لملايين المرضى الذين حُرموا من الرعاية الطبية المناسبة لسنوات طويلة.
طالع أيضًا