تعد الاضطرابات النفسية من القضايا المعقدة التي تؤثر على حياة الأفراد بشكل عميق، ومن بين هذه الاضطرابات يأتي كل من الاكتناز القهري والوسواس القهري كحالات تتشابه في بعض الأعراض لكنها تختلف في جوهرها وأساليب علاجها.
بينما يشترك كلا الاضطرابين في وجود سلوكيات قهرية تؤثر على حياة الأفراد، فإن كلًا منهما له سماته المميزة التي تستدعي فهمًا دقيقًا.
ما هو اضطراب الاكتناز القهري؟
اضطراب الاكتناز القهري، والذي يُعرف أيضًا بالاحتفاظ القهري أو التكديس القهري، هو حالة نفسية تتسم بصعوبة شديدة في التخلص من الممتلكات أو التخلي عنها، بغض النظر عن قيمتها الحقيقية.
يتميز هذا الاضطراب بتراكم مفرط للأشياء والممتلكات، مما يؤدي إلى فوضى تعرقل الأداء الوظيفي للفرد سواء في منزله أو في مكان عمله.
أعراض اضطراب الاكتناز القهري
طبقًا لموقع "Cleveland Clinic"، تتضمن الأعراض الشائعة لاضطراب الاكتناز القهري ما يلي:
1- جمع كميات كبيرة من الأشياء، حتى وإن كانت غير ضرورية أو ذات قيمة منخفضة.
2- تراكم الفوضى بشكل يعيق استخدام المساحات المعيشية، ويجعل الغرف غير صالحة للاستخدام اليومي.
3- صعوبة في التخلص من الأشياء، مع شعور بالقلق أو الانزعاج عند محاولة التخلص منها.
4- الاحتفاظ بأشياء غير مفيدة خوفًا من الحاجة إليها في المستقبل.
5- ارتباط عاطفي قوي بالأشياء، مثل الشعور بالأمان أو الذكريات المرتبطة بها.
6- استخدام الأشياء لتذكير بأحداث أو أشخاص معينين.
7- تراكم الأغراض في الممرات والغرف والأماكن العامة في المنزل، مما يعيق الحركة والحياة اليومية.
8- تخزين الأشياء في أماكن غير مناسبة، مثل المداخل والممرات والأسرّة.
9- تجنب استقبال الضيوف في المنزل بسبب الخجل أو الخوف من الأحكام.
10- الانعزال الاجتماعي نتيجة النزاعات مع أفراد الأسرة حول الفوضى.
11- ظروف معيشية غير صحية بسبب تراكم الأشياء والفوضى.
12- زيادة مخاطر الحرائق والسقوط والإصابات بسبب الفوضى.
13- الشعور بالاكتئاب والقلق والإحباط نتيجة الفوضى والتكديس.
14- صعوبة في اتخاذ القرارات والاختيارات بسبب التردد المستمر.
أسباب اضطراب الاكتناز القهري
تتعدد الأسباب التي قد تسهم في تطور اضطراب الاكتناز القهري، ومن أبرزها:
العامل الوراثي: قد يكون للاكتناز القهري جانب وراثي، مما يعني أن الاضطراب يمكن أن ينتقل عبر الأجيال.
البيئة المحيطة: العيش في بيئة فوضوية أو الوجود في محيط يحتوي على أشخاص يعانون من الاكتناز يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بالاضطراب.
الصدمات العاطفية: فقدان أحد الأحباء أو تجربة أحداث مؤلمة يمكن أن تؤدي إلى ظهور سلوكيات الاكتناز كوسيلة للتعامل مع الألم العاطفي.
الاضطرابات النفسية الأخرى: يرتبط الاكتناز القهري باضطرابات نفسية مثل القلق والاكتئاب، فضلاً عن اضطراب الوسواس القهري (OCD)، حيث يمكن أن تؤدي التداخلات بين هذه الاضطرابات إلى تفاقم سلوكيات الاكتناز.
الأحداث الحياتية الكبرى: التغيرات الكبيرة في الحياة مثل الانتقال إلى منزل جديد أو التقاعد يمكن أن تحفز ظهور الاكتناز كوسيلة للشعور بالتحكم والأمان.
مشكلات في الذاكرة واتخاذ القرارات: الأفراد الذين يواجهون صعوبات في الذاكرة أو اتخاذ القرارات أو تنظيم ممتلكاتهم قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بالاكتناز القهري.
تأثيراته على الحياة اليومية
يمكن أن يكون له تأثيرات كبيرة على الحياة اليومية للأفراد، تشمل ما يلي:
صعوبة التنقل والإصابات: تراكم الأشياء بشكل مفرط يمكن أن يعيق الحركة داخل المنزل، مما يزيد من خطر السقوط والإصابات الجسدية.
مشكلات صحية: تراكم الأوساخ والغبار قد يسبب مشكلات في الجهاز التنفسي والحساسية، بالإضافة إلى جذب الحشرات والقوارض، مما يزيد من مخاطر الأمراض المعدية.
زيادة القلق والاكتئاب: الشعور بالإرهاق وعدم القدرة على السيطرة على البيئة المحيطة يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع مستويات القلق والاكتئاب.
العزلة الاجتماعية: الخجل من دعوة الآخرين إلى المنزل بسبب الفوضى قد يؤدي إلى العزلة الاجتماعية وتدهور العلاقات الاجتماعية.
التوترات الأسرية: يمكن أن يسبب الاكتناز توترات وصراعات داخل الأسرة، خاصة إذا كان هناك خلاف حول التخلص من الممتلكات الزائدة.
تأثير على العمل: الفوضى الناتجة عن الاكتناز قد تؤثر على القدرة على التركيز والإنتاجية، مما قد يؤدي إلى مشاكل في العمل أو حتى فقدان الوظيفة.
زيادة النفقات المالية: الحاجة المستمرة لشراء أشياء جديدة وعدم القدرة على التخلص من القديمة قد يؤدي إلى زيادة النفقات المالية.
انخفاض قيمة الممتلكات: عدم القدرة على استخدام المساحات بشكل فعّال يمكن أن يؤدي إلى انخفاض قيمة الممتلكات، مثل العقارات.
كيفية علاج اضطراب الاكتناز القهري
يتطلب علاج اضطراب الاكتناز القهري مجموعة متنوعة من الأساليب العلاجية، وفقًا لموقع "WebMD"، وتشمل:
العلاج السلوكي المعرفي (CBT):
يُعتبر العلاج السلوكي المعرفي من أكثر العلاجات فعالية لاضطراب الاكتناز القهري.
يركز هذا العلاج على تغيير الأنماط السلبية في التفكير والسلوك. يتضمن:
تعريض المرضى لمواقف تحفز رغبتهم في الاكتناز وتعليمهم كيفية التعامل معها بطرق صحية.
مساعدة المرضى في تحديد وتغيير الأفكار السلبية والمعتقدات التي تدفعهم للاكتناز.
العلاج بالأدوية:
قد تُستخدم الأدوية المضادة للاكتئاب أو القلق لتخفيف أعراض الاكتناز القهري.
من الأدوية الشائعة في هذا المجال مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs)، مثل فلوكستين (Prozac) وسيرترالين (Zoloft).
الدعم الاجتماعي والعائلي:
يمكن أن يكون دعم الأصدقاء والعائلة ضروريًا في علاج الاكتناز القهري.
يقدم الأصدقاء والعائلة الدعم العاطفي والمساعدة في تنفيذ خطط العلاج.
مجموعات الدعم:
توفر مجموعات الدعم فرصة للأفراد للتواصل مع أشخاص يواجهون تجارب مشابهة، مما يساعدهم في تبادل النصائح والاستراتيجيات للتعامل مع الاضطراب.
برامج التنظيف والتنظيم:
يمكن لبعض الأشخاص الاستفادة من برامج التنظيف والتنظيم التي تقدمها منظمات أو متخصصون في إدارة الفوضى.
تساعد هذه البرامج الأفراد على تطوير مهارات التنظيم والتخلص من الممتلكات الزائدة.
التوعية والتدريب:
التوعية والتدريب حول كيفية إدارة الممتلكات والتحكم في سلوكيات الاكتناز يمكن أن تعزز قدرة الأفراد على التحكم في حالتهم بشكل أفضل.
الفرق بين الاكتناز القهري والوسواس القهري
الاكتناز القهري (Hoarding Disorder):
يتميز الاكتناز القهري بصعوبة مستمرة في التخلص من الممتلكات أو التخلي عنها، بغض النظر عن قيمتها الفعلية.
يؤدي ذلك إلى تراكم الأغراض حتى تصبح المساحات المعيشية غير صالحة للاستخدام.
يشعر الأفراد المصابون بالاكتناز القهري بارتباط عاطفي قوي بممتلكاتهم، ويعتقدون أن هذه الأغراض قد تكون مفيدة في المستقبل أو تحمل قيمة عاطفية كبيرة.
العلاج الأكثر فعالية لهذا الاضطراب هو العلاج السلوكي المعرفي (CBT)، والذي يمكن أن يُدعم أيضًا بالأدوية ودعم الأصدقاء والعائلة.
الوسواس القهري (OCD):
الوسواس القهري هو اضطراب نفسي يتسم بأفكار وسواسية متكررة وسلوكيات قهرية تهدف إلى تقليل القلق المرتبط بتلك الأفكار.
الأعراض تشمل أفعالًا متكررة مثل غسل اليدين بشكل مفرط، التحقق المتكرر من الأبواب والنوافذ، أو تكرار العبارات والصلوات.
الأشخاص المصابون بالوسواس القهري يدركون أن أفكارهم وسلوكياتهم غير منطقية، لكنهم يشعرون بأنهم مضطرون للقيام بها لتخفيف القلق.
يشمل العلاج السلوكي المعرفي (CBT) مع التركيز على التعرض ومنع الاستجابة (ERP)، بالإضافة إلى الأدوية مثل مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs).
طالع أيضًا