إذا كانت الكتابة قادرة على تحسين حالتك النفسية في الأوقات الصعبة، فهل يمكن أن تساعد أيضًا في الوقاية من التوتر والقلق؟ وهل يجب على الجميع أن يبدأوا بتدوين يومياتهم؟
"التدوين" هو مصطلح عصري يُستخدم لوصف فكرة قديمة جدًا: تسجيل الأفكار والمشاعر والتجارب الشخصية.
فمنذ قرون، قام العديد من الكتاب بتوثيق يومياتهم، من أشهرهم صامويل بيبس وآنا فرانك، وصولاً إلى صفحات "لايف جورنال" التي قد تكون منسية الآن.
لا توجد طريقة واحدة صحيحة لكتابة اليوميات. قد تفضل توثيق حياتك عبر قصص إنستغرام أو رسائل صوتية أو حتى رسومات.
ولكن العديد من أساليب التدوين الشهيرة تعتمد على الكتابة، لذا سنركز على هذا الجانب في مقالنا.
إحدى هذه الأساليب هي "يوميات الامتنان"، حيث تكتب الأشياء التي تشعر بالامتنان لها. يمكن دمج هذه الطريقة مع تدوين اليوميات اليومية، وإذا كنت لا تعرف من أين تبدأ، يمكنك شراء دفاتر مخصصة تحتوي على أسئلة تحفيزية.
أسلوب آخر شائع هو "التدوين النقطي"، الذي يتميز باستخدام ورق منقط يمكن تزيينه بالتفاصيل الزخرفية. يتيح لك هذا الأسلوب تخصيص دفتر اليوميات ليصبح كما تشاء.
التدوين كأداة للصحة النفسية
في عام 1992، أصدرت الكاتبة جوليا كاميرون كتابها "طريق الفنان"، الذي يهدف إلى تقديم مسار روحي للإبداع.
قد يبدو هذا الكتاب موجهًا للفنانين المحترفين، لكن صحيفة "نيويورك تايمز" ضمته مؤخرًا إلى قائمة الكتب التي يوصي بها المعالجون النفسيون.
تحدثت مع عالمة النفس البريطانية ليندا بلير، التي أكدت أن أحد الأساليب التي تستخدمها في عملها هو "الصفحات الصباحية".
وأوضحت: "قبل القيام بأي شيء آخر في الصباح، اكتب ثلاث صفحات عن أي شيء في ذهنك، سواء كان حلمك أو مشاعرك.
لا يهم السبب، فقط اكتب." وفقًا لبلير، يساعد هذا التمرين البسيط في اكتشاف قضايا قد تحتاج إلى معالجة قبل أن تصبح أكثر وضوحًا.
أهمية التدوين في تحسين المزاج
عندما سُئلت بلير إذا كانت توصي بتدوين اليوميات لمرضاها، أجابت بشكل حاسم: "لا أستطيع التأكيد بما فيه الكفاية على أهمية هذا التمرين وقدرته على توفير الوقت والمال."
تقنيات مثل "التدوين الامتناني" قد شهدت زيادة في شعبيتها مؤخرًا، جزئيًا بفضل الأبحاث التي قام بها عالم النفس الأمريكي الدكتور مارتن سيليجمان.
طور سيليجمان تقنية بسيطة تسمى "ثلاثة أشياء جيدة"، وهي ببساطة: في نهاية اليوم، اكتب ثلاث أشياء إيجابية حدثت لك وفكر في سبب شعورك بالسعادة حيالها.
أوضحت بلير أن هذه الممارسة مفيدة بشكل خاص لتحسين المزاج، خاصة لأولئك الذين يعانون من الاكتئاب، قائلة: "إذا كان آخر شيء تفكر فيه قبل النوم هو شيء إيجابي، فمن الأرجح أن تستيقظ في صباح اليوم التالي في مزاج أفضل."
الكتابة اليدوية نفسها تحمل فوائد إضافية. تشير بعض الدراسات إلى أن الكتابة باليد تحسن التعلم، معالجة المعلومات، والذاكرة.
كما أظهرت دراسة حديثة أن الكتابة باليد منذ سن مبكرة تعد ضرورية "لتوفير أفضل الظروف للدماغ للتعلم".
في عالمنا المعتمد بشكل متزايد على التكنولوجيا، قد تكون كتابة بضع دقائق يوميًا بالقلم والورقة طريقة للاسترخاء والهروب من الأجهزة الإلكترونية.
طالع أيضًا