كشفت وزارة الأمن الإسرائيلية في تقرير رسمي أن آلاف الجنود الذين شاركوا في العمليات العسكرية الأخيرة في قطاع غزة يعانون من اضطرابات نفسية متفاوتة الخطورة، تتراوح بين القلق الحاد واضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، والتقرير، الذي نُشر ضمن مراجعة داخلية لأداء المؤسسة العسكرية، أشار إلى أن هذه الأرقام تمثل ارتفاعاً غير مسبوق في معدلات الإصابة النفسية بين الجنود منذ سنوات.
وبحسب مسؤولين في الوزارة، فإن الحرب الأخيرة تركت آثاراً عميقة على الصحة النفسية للجنود، خاصة أولئك الذين خدموا في الخطوط الأمامية أو شاركوا في مهام ميدانية معقدة، وقد تم تسجيل حالات من الانهيار العصبي، نوبات الهلع، واضطرابات النوم، إلى جانب صعوبات في الاندماج الاجتماعي بعد العودة إلى الحياة المدنية.
تحديات العلاج وإعادة التأهيل
أوضحت وزارة الأمن أن مراكز الدعم النفسي التابعة للجيش تواجه ضغطاً متزايداً نتيجة الأعداد الكبيرة من طالبي العلاج، ما دفعها إلى تعزيز برامج التأهيل النفسي وتوسيع نطاق الخدمات لتشمل أسر الجنود أيضاً، وكما تم إطلاق حملات توعية داخل الوحدات العسكرية لتشجيع المصابين على طلب المساعدة دون خوف من الوصمة الاجتماعية.
وفي تصريح لمسؤول في قسم الصحة النفسية بالوزارة، قال: "نحن أمام تحدٍ كبير يتطلب استجابة شاملة، فالصحة النفسية للجنود لا تقل أهمية عن الجاهزية القتالية، ويجب أن نضمن لهم بيئة آمنة للتعافي".
ولمتابعة كل ما يخص "عرب 48" يُمكنك متابعة قناتنا الإخبارية على تلجرام
انعكاسات اجتماعية وسياسية
يرى محللون أن هذه الأزمة النفسية قد تؤثر على الروح المعنوية داخل الجيش، وتطرح تساؤلات حول جدوى العمليات العسكرية المكثفة في المناطق المتوترة، وكما أن ارتفاع معدلات الإصابة النفسية قد ينعكس على المجتمع الإسرائيلي بشكل عام، خاصة في ظل تزايد أعداد الجنود المسرّحين لأسباب صحية.
وفي هذا السياق، نشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية تقريراً أكدت فيه أن "الآثار النفسية للحرب الأخيرة لا يمكن تجاهلها، وأن الجيش مطالب بإعادة النظر في استراتيجياته الميدانية بما يراعي الجانب الإنساني للجنود".
دعوة لإعادة التقييم
وفي ضوء هذه المعطيات، تبرز الحاجة إلى مراجعة شاملة للسياسات العسكرية، تأخذ بعين الاعتبار الأبعاد النفسية والإنسانية للنزاعات المسلحة، فسلامة الجنود النفسية ليست مجرد قضية داخلية، بل مؤشر على مدى قدرة المؤسسة العسكرية على الحفاظ على توازنها في ظل التحديات المتصاعدة.
كما جاء في بيان صادر عن جمعية "أور يروك" المعنية بالصحة النفسية: لا يمكن الحديث عن النصر في أي معركة دون ضمان سلامة من خاضوها، جسدياً ونفسياً. الجنود ليسوا أدوات، بل بشر يحتاجون إلى رعاية حقيقية بعد أن يضعوا السلاح.
طالع أيضًأ:
طالبت عائلات المحتجزين في غزة باتفاق فوري يعيد أبناءها وينهي الحرب