يشهد المشهد السياسي داخل إسرائيل تصعيدًا جديدًا بعد تصريحات رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو حول "استكمال حظر جزء من حركة الإخوان المسلمين"، في إشارة واضحة إلى الحركة الإسلامية الجنوبية والقائمة العربية الموحّدة. هذا التطور أثار موجة واسعة من المواقف الحزبية العربية التي اعتبرت هذه التصريحات خطوة خطيرة تمسّ الحريات السياسية وتمهّد لتكرار تجربة حظر الحركة الإسلامية الشمالية عام 2015.
الأحزاب العربية المختلفة وجدت نفسها أمام اختبار جديد يتعلق بمدى استعدادها لنبذ الخلافات الداخلية والتوحّد في مواجهة ما تعتبره ملاحقة سياسية رسمية. فبحسب تصريحات الحركة العربية للتغيير، فإن كلام نتنياهو يحمل "إيحاءات خطيرة للغاية"، ويعكس إرادة سياسية لمواصلة قمع القوى العربية كما حصل في السابق.
وأشارت الحركة إلى حملة منهجية متصاعدة ضد الجمعيات التابعة للحركة الإسلامية الجنوبية، معتبرة أنّ دخول نتنياهو العلني على خط هذه الحملة يُعدّ مؤشرًا مقلقًا، لا سيما مع اقتراب موعد الانتخابات.
في السياق ذاته، أصدر التجمّع الوطني الديمقراطي بيانًا شديد اللهجة، وصف فيه تصريحات نتنياهو بأنها "تصعيد خطير يستهدف العمل السياسي العربي برمّته". وأكد التجمع أن هذا التهديد ليس سوى محاولة لضرب شرعية التنظيم السياسي العربي وتقييد أي نشاط لا ينسجم مع الاعتبارات الانتخابية للحكومة. ودعا إلى وحدة وطنية حقيقية وإعادة إقامة القائمة المشتركة على أساس برنامج سياسي قادر على مواجهة التحديات التي تهدد المجتمع العربي.
من جهتها، شددت الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة على أن تصريحات نتنياهو تكشف أن "لا أحد في مأمن من مخططات الحكومة"، داعية إلى تعزيز الوحدة الكفاحية وإسقاط "حكومة البطش الفاشي" وفق بيانها. وأعلنت الجبهة نيتها التوجه لعقد اجتماع عاجل للجنة المتابعة، للتشاور مع قيادة الموحّدة حول الملاحقات المستمرة، وبحث إمكانيات الرد الشعبي والسياسي والقانوني.
في المقابل، قدّم الشيخ صفوت فريج، رئيس الحركة الإسلامية الجنوبية، ردًّا مطوّلًا أكد فيه استقلالية الحركة عن جماعة الإخوان المسلمين عالميًا، مشددًا على جذورها المحلية ومرجعيتها الفقهية الفلسطينية، وعلى التزامها بالقانون والعمل الإصلاحي داخل المجتمع العربي. واعتبر فريج أن تصريحات نتنياهو "تخبّط سياسي ومحاولة لصناعة عدوّ وهمي"، مشددًا على أن الحركة ليست قلقة قانونيًا، وأن نشاطها مدنيّ وخيريّ وسياسي شفاف.
بدوره، ظهر رئيس القائمة العربية الموحّدة، منصور عباس، في مؤتمر صحافي أكد فيه أن حزبه "شرعي وديمقراطي" وأنه سيبقى جزءًا من مشروع التغيير السياسي، داعيًا الشرطة والشاباك إلى عدم استخدامهم كأدوات في يد الحكومة. واعتبر عباس أن نتنياهو يسعى إلى "نزع الشرعية" عن الموحّدة لمنعها من أداء دورها السياسي في تغيير الحكومة.
في المحصلة، يعكس هذا التصعيد مرحلة جديدة من التوتر بين الحكومة الإسرائيلية والأحزاب العربية، ويضع الأخيرة أمام فرصة - أو ضرورة - إعادة ترتيب صفوفها واستعادة خطاب وحدوي لمواجهة السياسات التي تعتبرها استهدافًا مباشرًا للوجود السياسي العربي داخل إسرائيل.