في عصرنا الحديث، يعاني الملايين من الأشخاص من الاكتئاب، وهو حالة تؤثر بشكل عميق على الدماغ والجسم، مما يعكر صفو الحياة اليومية ويعوق قدرة الأفراد على الاستمتاع بالحياة.
ومع تقدم الأبحاث العلمية، بدأنا ندرك أن الحلول التقليدية لم تعد كافية وحدها.
فقد أظهرت الدراسات الحديثة أن ممارسة الرياضة يمكن أن تكون سلاحًا قويًا في مكافحة هذا الاضطراب المزعج.
تأثير الاكتئاب على الدماغ والجسم
وفقًا لصحيفة "ميديكال إكسبريس"، يرتبط الاكتئاب باضطرابات دماغية ونفسية، مثل ضعف التعلم والذاكرة.
وقد أظهرت الدراسات أن النشاط البدني، خصوصًا التمارين الهوائية، يمكن أن يقلل من أعراض الاكتئاب، ولكن لم تكن الآلية وراء ذلك واضحة تمامًا.
وفي هذا السياق، اقترح الباحثون نظرية جديدة لفهم التأثيرات المضادة للاكتئاب الناتجة عن ممارسة التمارين الرياضية.
ويعتقد فريق البحث أن العملية قد تعتمد على الدافع، وهو عامل حاسم في تخفيف أعراض الاكتئاب مثل فقدان المتعة وانخفاض الطاقة و"ضبابية الدماغ".
الرياضة كعلاج محتمل للاكتئاب
قام الفريق بمراجعة أبحاث استكشفت آليات الاكتئاب في البشر والحيوانات، ووجدوا أن الاكتئاب يرتبط بزيادة الالتهاب (نتيجة استجابة مناعية للجسم) ويعطل انتقال الدوبامين (هرمون السعادة).
حيث تعتبر هذه التغيرات البيولوجية عوامل رئيسية تؤدي إلى تغييرات في الدافع، خاصةً انخفاض الرغبة في بذل جهد بدني أو عقلي.
وفي المقابل، تعمل التمارين الرياضية على تقليل الالتهاب وتعزيز وظيفة الدوبامين، مما يحفز الدافع، يعتقد الباحثون أن هذا قد يكون السبب وراء التأثير المضاد للاكتئاب للتمارين الرياضية.
الدراسات والبحوث حول الرياضة والاكتئاب
وقالت إميلي هيرد، الباحثة الرئيسية من معهد علوم الأعصاب الإدراكية بجامعة كوليدج لندن: "تم إثبات التأثير المضاد للاكتئاب الناجم عن التمارين الهوائية بشكل مقنع من خلال التجارب العشوائية المنضبطة، لكن آليتها لم تكن مفهومة بشكل جيد".
يعود ذلك جزئيًا إلى أنها تتضمن مجموعة متنوعة من العمليات البيولوجية والنفسية.
على سبيل المثال، بالإضافة إلى تأثيرها الإيجابي على الالتهاب والدوبامين، تقلل التمارين الرياضية من الإجهاد التأكسدي وتحسن احترام الذات والكفاءة الذاتية".
استراتيجيات علاجية جديدة بناءً على نتائج البحث
وأضافت: "نقترح أن ممارسة الرياضة تقلل من الالتهاب وتعزز انتقال الدوبامين، مما يزيد من الرغبة في بذل الجهد، وبالتالي يعزز الدافع بشكل عام".
يأمل الفريق أن تساعد هذه النتائج في تطوير استراتيجيات علاجية جديدة للاكتئاب، مثل برامج التمارين الرياضية الشخصية.
وختمت هيرد بالقول: "معالجة العوائق التي تحول دون ممارسة التمارين الرياضية، خاصةً لدى الأشخاص المصابين بالاكتئاب، أمر بالغ الأهمية، حيث يمكن أن يساعد النشاط البدني المنتظم في تخفيف الأعراض وتحسين الحالة المزاجية".