توصلت دراسة حديثة أجراها علماء من جامعة كوليدج لندن إلى نتائج مثيرة تتعلق بالصحة النفسية والجسدية، حيث أظهرت أن تدهور الحالة النفسية، مثل الاكتئاب والشعور بالوحدة، قد يكون له دور في ظهور الآلام الجسدية في المستقبل.
هذه الدراسة تفتح الأفق لفهم أفضل حول العلاقة المعقدة بين الصحة النفسية وأمراض الجسم، مما يعزز أهمية الاهتمام بالجوانب النفسية في الوقاية من الأمراض الجسدية.
نتائج الدراسة
أظهرت الدراسة التي نشرتها مجلة eClinicalMedicine أن الأشخاص الذين يعانون من آلام جسدية متوسطة إلى شديدة في منتصف العمر وما بعده كانوا قد مروا بفترات طويلة من تزايد أعراض الاكتئاب والوحدة قبل ظهور الألم الجسدي، تصل إلى ما يقرب من ثماني سنوات.
واستندت الدراسة إلى بيانات 7336 مشاركًا، نصفهم يعاني من آلام جسدية، والنصف الآخر لا يعاني، من الدراسة الطولية الإنجليزية للشيخوخة (ELSA) التي تمت على مدى 21 عامًا.
الاكتئاب والعزلة الاجتماعية قبل ظهور الألم
أظهرت النتائج أن أعراض الاكتئاب تتصاعد بشكل ملحوظ في السنوات التي تسبق ظهور الألم الجسدي، حيث تصل إلى ذروتها في بداية الشعور بالألم، ثم تظل مرتفعة بعد ذلك. بالمقابل، ظلت الأعراض مستقرة ومنخفضة لدى المجموعة التي لا تعاني من الألم.
وتوسعت العلاقة لتشمل مشاعر الوحدة والعزلة الاجتماعية، حيث لوحظ زيادة في مشاعر العزلة الاجتماعية في السنوات السابقة لظهور الألم، مما يفتح تساؤلات حول دور العلاقات الاجتماعية في الوقاية من الآلام المزمنة.
تأثير جودة العلاقات على الصحة الجسدية
من المثير للاهتمام أن الدراسة لم تجد فرقًا في عدد العلاقات الاجتماعية بين المجموعتين، ما يشير إلى أن العامل الحاسم ليس كم العلاقات بل جودتها.
يشير هذا إلى أن تحسين نوعية الروابط الاجتماعية قد يكون له تأثير أكبر في تقليل الشعور بالألم.
أظهرت الدراسة أن هذه الظاهرة كانت أكثر وضوحًا بين الأفراد الأقل تعليمًا وثراءً، ما يعزوه العلماء إلى محدودية الموارد المتاحة لهذه الفئات للعناية بصحتهم النفسية أو التعامل مع الألم.
وهذا يسلط الضوء على ضرورة تطوير سياسات صحية تستهدف هذه الفئات الأكثر عرضة للخطر.
التدخلات المبكرة كحلوق وقائية
تشير هذه النتائج إلى أهمية التدخلات المبكرة لتحسين الصحة النفسية وتعزيز الروابط الاجتماعية كوسيلة للوقاية من الألم المزمن أو لتخفيف حدته، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.
كما تعزز من ضرورة اعتماد نهج متكامل في الرعاية الصحية يعالج الجوانب النفسية والاجتماعية بجانب العلاج الطبي التقليدي.
طالع أيضًا