تعد مشكلات النوم من أبرز العلامات المصاحبة للشيخوخة، حيث يزداد عدد مرات الاستيقاظ الليلي بشكل ملحوظ مع التقدم في العمر.
بينما يستيقظ الشباب في المتوسط خمس مرات خلال الليل، يمكن أن يصل عدد مرات الاستيقاظ لدى بعض الأشخاص الذين تجاوزوا الستين إلى 150 مرة، مما يؤثر على جودة النوم ويؤدي إلى مشكلات صحية ونفسية.
تأثير الأرق على الصحة النفسية لكبار السن
الأرق المزمن لا يقتصر على الشعور بالإرهاق صباحًا، بل يرتبط بمخاطر صحية خطيرة، من أبرزها تضاعف احتمالية الإصابة بالاكتئاب.
وتزداد هذه المخاطر لدى كبار السن الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل أمراض القلب، والسرطان، والسكري، مما يجعلهم أكثر عرضة للاكتئاب الحاد والمستمر.
دراسة حديثة: الأرق يزيد من حدة الاكتئاب
كشفت دراسة جديدة أجراها الدكتور مايكل إروين، أستاذ الطب النفسي وعلم السلوك الحيوي بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس (UCLA)، عن وجود علاقة وثيقة بين الأرق والاكتئاب لدى كبار السن.
أظهرت النتائج أن نقص النوم المزمن لا يزيد فقط من احتمالية الإصابة بالاكتئاب، بل يؤدي أيضًا إلى ظهور أعراض أشد واستمرارها لفترة أطول، حتى لدى الأشخاص الذين لم يعانوا سابقًا من اضطرابات مزاجية.
العلاقة بين الأرق، الالتهاب، والاكتئاب
الالتهاب.. عامل رئيسي في ظهور الأعراض الاكتئابية
تشير الأبحاث إلى أن الالتهابات يمكن أن تؤدي إلى ظهور أعراض اكتئابية مؤقتة، كما هو الحال عند الإصابة بعدوى خفيفة، حيث تختفي الأعراض بزوال الالتهاب.
الأرق يطيل ويزيد من حدة الاكتئاب الناتج عن الالتهاب
في دراسة أخرى شملت 160 شخصًا مسنًا، تم تحفيز استجابة التهابية لديهم باستخدام بكتيريا غير نشطة، ولاحظ الباحثون أن المشاركين الذين يعانون من الأرق كانوا أكثر عرضة لأعراض اكتئابية حادة استمرت لفترة أطول مقارنة بمن ينامون بشكل طبيعي.
مدة زوال الأعراض الاكتئابية
عند زوال الالتهاب، اختفت الأعراض الاكتئابية لدى المشاركين، ولكن كان هناك فرق في سرعة التعافي:
1- الأشخاص الذين لا يعانون من الأرق تعافوا خلال 6 ساعات.
2- أما المصابون بالأرق، فقد استغرقت عملية التعافي لديهم نحو 9 ساعات في نصف الحالات.
ويوضح الدكتور إروين أن الأفراد الذين يعانون من الأرق لديهم مستويات التهاب مرتفعة بشكل مزمن، مما يجعلهم أكثر عرضة لاستجابات اكتئابية أشد وأطول مدة عند التعرض لمحفزات التهابية.
كيف يمكن حماية كبار السن من هذه المخاطر؟
يجب مراقبة كبار السن الذين يعانون من الأرق بعناية عند إصابتهم بأي التهاب، إذ يمكن أن تؤدي التهابات بسيطة، مثل عدوى المسالك البولية أو حتى التطعيمات، إلى تفاقم الأعراض الاكتئابية لديهم.
رغم تعرض جميع المشاركين في الدراسة لمستويات متساوية من الالتهاب، إلا أن استجابتهم النفسية كانت متفاوتة، وهو ما دفع الباحثين إلى دراسة العوامل التي تجعل بعض الأفراد أكثر عرضة للاكتئاب.
تشير الأبحاث إلى أن النساء أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب مقارنة بالرجال، ولكن لم يتمكن العلماء من تفسير هذا التفاوت بعد ضبط تأثير الهرمونات الجنسية.
ويأمل الباحثون من خلال التحليل الجيني في تحديد العوامل البيولوجية والسلوكية التي تزيد من خطر الاكتئاب، مما قد يساعد في تطوير استراتيجيات وقائية وعلاجية أكثر فعالية.
طالع أيضًا
