في الليالي الباردة الطويلة، لا تقتصر رغبتنا على الاحتماء بالغطاء الدافئ، بل تبدو أجسامنا وكأنها تُطالب بجرعة إضافية من النوم.
فمع قصر النهار وتراجع شدة الضوء الطبيعي، يتغيّر إيقاعنا الحيوي، مما يجعل الحاجة للراحة والتعافي أكبر خلال هذا الفصل.
تشير تقارير موقع Healthline إلى أن الدراسات الحديثة أكدت وجود اختلافات واضحة في نمط النوم بين فصلي الشتاء والصيف، حتى لدى الأشخاص الذين يعيشون في المدن ذات الإضاءة المستمرة.
ويعود السبب في ذلك إلى تأثير الضوء الطبيعي في ضبط الساعة البيولوجية وإفراز الهرمونات المنظمة للنوم.
ضوء الشمس والساعة البيولوجية
يشير باحثون من جامعة "شاريتيه" الطبية في برلين إلى أن الضوء الطبيعي هو العامل الأساسي لتنظيم دورات النوم واليقظة. فكلما انخفض التعرض للشمس، زاد إفراز هرمون الميلاتونين المسؤول عن إرسال إشارات للنوم.
ومع قصر النهار شتاءً، يستمر ارتفاع الميلاتونين لفترة أطول، ما يؤدي إلى شعور أكبر بالنعاس وضعف النشاط صباحًا. كما تبيّن أن مرحلة نوم حركة العين السريعة (REM)، المسؤولة عن الأحلام وتجديد الطاقة الذهنية، تستمر لوقت أطول خلال الشتاء، مما يشير إلى حاجة الجسم لتعويض نقص الضوء عبر تعزيز جودة النوم.
تأثير الشتاء على المزاج والراحة
تلعب برودة الطقس دورًا إضافيًا في زيادة حاجة الجسم للنوم؛ إذ يستهلك الجسم طاقة أكبر للحفاظ على حرارته الداخلية، ما يزيد الرغبة في الراحة.
ولمتابعة كل ما يخص"عرب 48" يمكنك متابعة قناتنا الإخبارية على تلجرام
كما يؤدي قلة التعرض للضوء إلى انخفاض مستويات السيروتونين، وهو الناقل العصبي المرتبط بتحسين المزاج.
هذا النقص قد يفسر الشعور بالخمول أو العزلة لدى البعض، وهي أعراض مرتبطة بالاضطراب العاطفي الموسمي.
لماذا لا يعوض الضوء الاصطناعي ضوء الشمس؟
على الرغم من انتشار الإضاءة الصناعية، إلا أنها لا تستطيع محاكاة تأثير ضوء الشمس الطبيعي على الدماغ.
بل إن الضوء الأزرق المنبعث من الشاشات قد يعطل الساعة البيولوجية، خاصة عند استخدام الأجهزة مساءً.
وينصح الخبراء بتقليل الشاشات قبل النوم، وزيادة التعرض لضوء الشمس صباحًا، إضافة إلى إمكانية استخدام مصابيح علاجية تحاكي ضوء النهار، بشرط أن تكون معتمدة وتستخدم تحت إشراف مختص.
خطوات للحفاظ على نوم صحي في الشتاء
توصي اختصاصية النوم الأمريكية نيكول إيكلبرغر بعدد من الإرشادات لمواجهة تأثيرات الشتاء على النوم، أبرزها:
تثبيت مواعيد النوم والاستيقاظ يوميًا لدعم استقرار الساعة البيولوجية.
تهيئة غرفة النوم لتكون مظلمة وهادئة ومعتدلة البرودة بعيدًا عن الإفراط في التدفئة.
الابتعاد عن الكافيين مساءً لأنه يؤخر الدخول في مراحل النوم العميق.
تقليل استخدام الأجهزة الإلكترونية قبل النوم بساعة على الأقل لتجنب تأثير الضوء الأزرق.
ممارسة أنشطة استرخاء مثل التأمل والتنفس العميق لتخفيف التوتر وتحسين جودة النوم.
النوم.. حاجة بيولوجية لا غنى عنها
ويؤكد الخبراء أن النوم الجيد ليس رفاهية موسمية، بل ضرورة أساسية لدعم المناعة، وتنظيم الهرمونات، والحفاظ على صحة القلب والدماغ، خاصة في فصل الشتاء الذي يغيّر إيقاع الجسم الطبيعي بشكل ملحوظ.
طالع أيضًا